معطيات مثيرة تلك التي كشفها بحث حول إشكالية القيَم في النظام التربوي المغربي، أنجزه الباحث محمد لهبوب، وهو أستاذ لمادة الفلسفة، ونال به شهادة الدكتوراه من كلية علوم التربية بالرباط، إذ خلُص إلى أن نسبة مهمة من أساتذة التربية الإسلامية والفلسفة يروْن أن المقررين الدراسيين لهاتين المادتين لا يحترمان خصوصية وطبيعة المعارف والقيَم الخاصة بهما.

وخلص البحث كذلك إلى أن التناقض بين القيَم المتضمنة في مقرري مادة التربية الإسلامية والفلسفة يؤثر على شخصيات التلاميذ، الذين تعتبر نسبة كبيرة منهم أن العلاقة بين مقرر المادتين المذكورتين هي “علاقة تناقض وتعارض”.

مقرر ضعيف

واستنادا إلى المعطيات الواردة في البحث، فإن 62 في المائة من أساتذة الدراسات الإسلامية المبحوثين يرون أن المقرر الدراسي لهذه المادة لا يحترم خصوصية وطبيعة المعارف والقيَم الخاصة بالدراسات الإسلامية، ولا تتعدى نسبة الذين ذهبوا عكس ذلك 8 في المائة، بينما اعتبر 30 في المائة منهم أن المقرر الدراسي لمادتهم يحترم نسبيا طبيعة المعارف والقيَم الخاصة بتخصصهم.

وأرجع 97 في المائة من أساتذة التربية الإسلامية الذين أقروا بعدم احترام المقرر الدراسي لمادتهم لخصوصية وطبيعة المعارف المميزة لتخصصهم سبب ذلك إلى أن المقرر الدراسي الذي يدرسونه ضعيف يفتقد إلى عمق المادة والتخصص؛ بينما اعتبر 3 في المائة منهم أنه مقرر غير ملائم لواقع المتعلم واحتياجاته.

وبناء على مجموع النسب المائوية الخاصة بالتفسيرات التي قدمها جميع أساتذة التربية الإسلامية المبحوثين، فإن 80 في المائة منهم يَعتبرون أن المقرر الدراسي للتربية الإسلامية “مقررا ضعيفا يفتقد إلى عمق المادة والتخصص”؛ بينما اعتبره 12 في المائة “مقررا دراسيا غير ملائم لواقع المتعلم واحتياجاته”، واعتبره 8 في المائة “مقررا دراسيا غنيا يحترم القواعد والمفاهيم الشرعية”.

وفيما يتعلق بدرجة رضا المبحوثين عن القيم المتضمنة في المقرر الدراسي لمادة التربية الإسلامية، عبر 50 في المائة من الأساتذة المبحوثين أنهم غير راضين عن القيم المتضمنة في مقررهم الدراسي؛ في حين أن الذين عبروا عن رضاهم عن القيم المتضمنة في المقرر الدراسي لمادتهم لم تتجاوز نسبتهم 4 في المائة، وبلغت نسبة الذين عبروا عن رضاهم النسبي 46 في المائة.

وعلل 84 في المائة من الأساتذة الذين صرحوا بأنهم غير راضين عن القيم المتضمنة في المقرر الدراسي للتربية الإسلامية إجابتهم بكونها “قيَما ضعيفة وغير مهمة”، وفسر 32 في المائة منهم إجابتهم بكون القيم المتضمنة في المقرر “غير ملائمة لواقع المتعلم ولا تستجيب لاحتياجاته”؛ بينما فسر 4 في المائة من الأساتذة الذين عبروا عن رضاهم إجابتهم بكونها “قيما إسلامية شاملة غنية وشاملة”.

وبالنسبة إلى مجموع النسب المائوية الخاصة بالتفسيرات التي يقدمها جميع المبحوثين من أساتذة مادة التربية الإسلامية لإجابتهم حول درجة رضاهم عن القيم المتضمنة في مقررهم الدراسي، فإن 64 في المائة من المجموع الكلي للمبحوثين يعتبرونها “قيما ضعيفة وغير مهمة”، و30 في المائة منهم يعتبرونها “قيما غير ملائمة لواقع المتعلم واحتياجاته”، بينما 6 في المائة فقط من المجموع الكلي للمبحوثين يعتبرونها “قيما إسلامية غنية وشاملة”.

وبخصوص تقبل وتفاعل التلاميذ مع قيم مقرر التربية الإسلامية، صرح 88 في المائة من الأساتذة بأن التفاعل نسبي، وفسر 55 في المائة من هذه العينة إجابتهم بكون القيم المتضمنة في المقرر غير ملائمة لواقع واحتياجات المتعلم، بينما فسر 45 في المائة منهم إجابتهم بتراجع دور الأسرة والتأثير السلبي للشارع ولوسائل التواصل الاجتماعي؛ في حين أن نسبة المبحوثين الذين يعتبرون أن تقبل وتفاعل التلاميذ مع قيم المقرر الدراسي لمادة التربية الإسلامية إيجابي لم تتجاوز 12 في المائة.

ويتضح من خلال نتائج البحث أن غالبية أساتذة التربية الإسلامية المبحوثين (57 في المائة) يعتبرون أن المقرر الدراسي لمادتهم لا يستجيب لانتظاراتهم وتطلعاتهم المرجوة من تدريس المادة، و29 في المائة منهم يؤكدون أنه لا يستجيب سوى نسبيا؛ في حين أن 14 في المائة فقط يقرون باستجابته لانتظاراتهم وتطلعاتهم.

قيم متناقضة

وفي ما يتعلق بالمقرر الدراسي لمادة الفلسفة، بينت نتائج البحث أن 43 في المائة من مجموع الأساتذة المبحوثين أقروا بأن هذا المقرر الدراسي لا يحترم خصوصية وطبيعة المعارف والقيم الخاصة بالمادة، لكونه “مقررا ضعيفا من حيث المضامين والقيم”، حسب 41 في المائة منهم؛ بينما اعتبره 23 في المائة من هذه العينة “مقررا يكرس التلقين والحفظ بدل قيم النقد والإبداع”.

وعبر 43 في المائة من المبحوثين عن عدم رضاهم عن القيم المتضمنة في المقرر الدراسي لمادة الفلسفة، وفسر 55 في المائة إجابتهم بكون قيم المقرر “غير واضحة وتتميز بالمحدودية والانتقائية”، و23 في المائة منهم يعزون ذلك إلى كونها “قيما متناقضة مع قيم بعض المقررات الدراسية”.

وبلغت نسبة الأساتذة المبحوثين الذين عبروا عن رضاهم بشكل نسبي عن القيم المتضمنة في المقرر الدراسي لمادة الفلسفة 41 في المائة، 67 في المائة منهم يفسرون إجابتهم بكون قيم المقرر “غير واضحة وتتميز بالمحدودية والانتقائية”؛ بينما لم تتعد نسبة الأساتذة الذين عبروا عن رضاهم عنها 16 في المائة، فسروا إجابتهم بكونها “قيما غنية كونية”.

ومن النتائج اللافتة التي خلُص إليها البحث التأثير السلبي للتناقض الموجود بين القيم المتضمنة في مقرري التربية الإسلامية والفلسفة، حيث صرح 83 في المائة من التلاميذ المبحوثين من تلامذة مستوى الثانية باكالوريا بأن العلاقة بين قيَم المقررين “هي علاقة تناقض وتعارض”، واعتبر 91 في المائة منهم أن هذه العلاقة تؤثر بشكل سلبي على شخصيتهم؛ بينما قال 9 في المائة منهم بأن تأثيرها عليهم مزدوج، سلبي وإيجابي.

hespress.com