في مبادرة تروم تخفيف العبء عن أسر الأشخاص الذين يعانون من اضطراب نفسي، أطلقت “جمعية صلة للصحة النفسية” برنامجا للتكوين في التربية النفسية.

يهدف برنامج التكوين في التربية النفسية، الذي أطلقته جمعية صلة للصحة النفسية، إلى تقوية القدرات المعرفية للأسر من أجل مواجهة المرض النفسي والوصم، وتزويدها بتقنيات للتواصل مع المريض بشكل أفضل.

ويشكل الفصام، أو السكيزوفرينيا، والاضطرابات النفسية المماثلة، التي يعاني منها 1 في المئة من السكان في كل دول العالم، عبئا ثقيلا على أسر حوالي 300 ألف شخص مصابون بهذا الاضطراب النفسي في المغرب.

وراكمت الجمعية صاحبة المبادرة تجربة تمتد لخمس سنوات في التكوين النفسي والتربوي، حيث انخرطت منذ سنة 2015 في الشبكة الفرنكوفونية لبرنامج التكوين النفسي “بروفامي”، وتمكنت من تكوين خمسة أفواج، بمعدل فوج كل سنة.

وخلال السنة الحالية، سيجرى هذا التكوين عن بعد، بسبب الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا.

ويعد المغرب أول دولة خارج أوروبا تنخرط في الشبكة الفرنكوفونية لبرنامج التكوين النفسي، الذي وضع من طرف فريق من الباحثين والأطباء النفسيين بكندا سنة 1998، ثم انتقل إلى أوروبا، حيث تم العمل به في الدار البيضاء منذ 2011 ثم مراكش والرباط.

ويلاقي التكوين النفسي اهتماما متزايدا من طرف الجمعيات العاملة في هذا المجال بالمغرب؛ إذ تحضّر عدد من الجمعيات من مخلف مدن المغرب لتكوين مكوِّنين لاعتماد التربية النفسية الموجّهة للأسر بمختلف جهات المملكة.

وأوضحت رقية بنبراهيم، معالجة نفسية، أن التربية النفسية الموجهة للأسر التي يعاني أحد أفرادها من اضطراب نفسي، هي بمثابة علاج تكميلي للعلاج النفسي، مشددة على أهمية إشراك المساعد الأسري في منظومة علاج الشخص الذي يعاني من اضطراب الفصام.

وتكمن أهمية إشراك المساعد الأسري في منظومة العلاج، تُردف بنبراهيم، في مساعدة المريض على تقبل مرضه وتقبل العلاج بانتظام، ومساعدة الأسرة على فهم طبيعة المرض النفسي، واكتساب تقنيات للتواصل مع المريض.

وأبرزت المتحدثة أنّ الأسرة عندما تكتسب قدرات معرفية تساعدها على مرافقة المريض بالشكل الصحيح، فإنّ هذا العامل يمكن من تحقيق هدفين، هما استقرار حالة المريض وتقليص عدد الانتكاسات لديه.

ويتمثل الهدف الثاني في تخفيف التوتر والخوف والفزع داخل الأسرة، ومساعدتها للخروج من حالة العزلة والانطواء التي تعيش فيها غالبية الأسر التي يعاني أحد أفرادها من اضطراب نفسي.

برنامج التكوين في التربية النفسية الذي أطلقته جمعية صلة للصحة النفسية، يتكون من أربع عشرة حصة، يتلقى المستفيدون منها حصتين في الشهر، بمعدل أربع ساعات في كل حصة. ويستغرق التكوين حوالي ثمانية أشهر.

وبحسب المعطيات التي قدمتها الجمعية المذكورة، فإن المستفيدين يتلقون في الجزء الأول من برنامج التكوين معلومات طبية واضحة ومبسطة عن مختلف الأمراض النفسية، وطبيعتها، وأعراضها ومختلف العلاجات المتوفرة من طرف طبيب نفسي مختص.

وفي الجزء الثاني، يتلقى المستفيدون تقنيات في التواصل مع المريض، تساعد على تخفيف حدة التوتر داخل الأسرة، وفي الوقت نفسه تساعد المريض وتجنِّبه الدخول في حالة انتكاسة، كما تساعد الأسرة على الحفاظ على صحتها النفسية بعيدا عن التوتر والإرهاق، وتمكنها من مرافقة المريض في ظروف جيدة.

ويشرف على برنامج التكوين في تقنيات التواصل مع المريض معالجون نفسيون، أو ممرضون مختصون، أو أفراد من الأسر سبق أن استفادوا من التكوين ويرغبون في تقاسم معارفهم مع الآخرين.

ويُخصص الجزء الثالث من برنامج التكوين للتنمية الذاتية، ويمكّن الأسرة من الخروج من العزلة ومواجهة الوصم الذي يطالها.

وأوضحت رقية بنبراهيم، انطلاقا من تجربتها من خلال إدارتها لمجموعات التعبير، التي تعبّر فيها أسر الأشخاص الذين يعانون من اضطراب نفسي عن مكنوناتها، أنها تلاحظ حالات الاكتئاب والانهيار والخوف واليأس الذي تعيشه الأسر عندما تشارك في أول حصة.

وأضافت أن المشارك “عندما يعبّر عن أحاسيسه ومعاناته أمام مشاركين يفهمونه ويتقاسمون معه المعاناة نفسها، فإن حالته تتحسن تدريجيا في كل حصة”، وزادت موضحة: “عندما يكون المساعد الأسري في حالة نفسية جيدة ويكون مسلحا بالمعرفة، فإن هذا ينعكس إيجابا على المريض ويساعده على الوصول الى التعافي”.

وأفادت جمعية صلة للصحة النفسية بأن التربية النفسية يمكن اعتبارها علاجا تكميليا للعلاج الدوائي، يمكّن المريض من الوصول إلى حالة التعافي ويمكن الأسرة من تجنب التوتر والضغط النفسي أو الاكتئاب، بالإضافة إلى أنه يمكّن الدولة من توفير مبالغ هامة تصرف على المرضى خلال مكوثهم بالمستشفيات.

hespress.com