تحدث عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، عن التحولات التي تعرفها ظاهرة الهجرة بالعالم، إذ أورد أن “كوفيد-19 جعل العالم قرية صغيرة، فكلما انتشر الفيروس بركن بعيد من الكرة الأرضية نتوجس أن يصلنا، ما جعلنا نتشبث بصحة بعضنا البعض أينما كنا، علما أن الهجرة تعد من العناصر الأساسية للحفاظ على صحة الجميع”.

وقال بوصوف، خلال الملتقى الدبلوماسي الذي نظمته المؤسسة الدبلوماسية، مساء الثلاثاء، إن “عالم الغد سيكون أو لا يكون بالهجرة التي تعتبر أحد العناصر الأساسية لمستقبل عالم الغد”، ثم أردف: “مع تفشي الوباء لاحظنا أن المنتمين إلى عالم الهجرة لعبوا أدوارا أساسية لإيجاد اللقاح الضروري، ويتعلق الأمر بمنصف السلاوي الذي ترأس فريق تطوير اللقاح بأمريكا، والزوجين التركيين اللذين أسسا شركة ألمانية ساهمت في صناعة اللقاح، وكذلك المهاجر اليوناني الذي أنشأ شركة فايزر”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “الهجرة اليونانية والمغربية والتركية اشتغلت على إيجاد اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد، ما يعني أن الهجرة فاعل أساسي في مكافحة كوفيد”، موضحا أن “الشباب المغاربة قادوا عمليات إنسانية متعددة لمساعدة المسنين بأوروبا، إلى جانب القيام بحملات تحسيسية ترمي إلى توعية الجالية، وقيادة أعمال تضامنية مع البلدان الأصلية”.

وتابع بوصوف: “الهجرة ذات خصائص إيجابية وصلت إلى مرحلة تغيير العالم من تعامله الراقي معها، ونظرته إليها على أنها مصدر قلاقل ومشاكل؛ بل هي مصدر للأمور الإيجابية، وهو ما ساهمت فيه أزمة كورونا، وبالتالي سنتحدث عن الهجرة بخطاب أكثر إيجابية في عالم ما بعد كوفيد-19”.

واسترسل المسؤول ذاته: “الهجرة تقارب الـ300 مليون نسمة عبر العالم، ما يجعلها أشبه بدولة افتراضية نظرا إلى القوة الشرائية والنخبة التكنولوجية والسوق العالمية التي تشكلها، لأنها تساهم في استقرار العالم، من خلال تعزيز حوار الأديان والثقافات والشعوب، وإعادة ترميم العالم الذي يشكو من أمراض التطرف السياسي والديني”.

وأكد المتحدث أن “المغرب يزخر بتنوع ديني وثقافي منذ قرون، وهو ما تم تضمينه في الدستور الذي أشار إلى المكونات الهوياتية التي شاركت في بناء الشخصية المغربية”، ثم زاد: “محمد السادس يعد ملك المغرب من الناحية السيادية، لكنه أيضا أمير المؤمنين من الناحية الروحية، في حين تشمل إمارة المؤمنين كل الديانات، اعتبارا للظهائر الملكية الصادرة من طرف مختلف السلاطين المغاربة في ما يرتبط باحترام جميع الأديان”.

وشدد بوصوف على أن “الملك محمدا السادس استقبل قداسة البابا بصفة أمير المؤمنين، بغية المساهمة في بناء السلام والأمن العالميين، وهي زيارة أعطت نظرة مغايرة للعالم بخصوص الأديان التي لم تعد مصدرا للقلق مثلما يظن البعض، وإنما أصبحت عنصرا أساسيا لبناء السلم العالمي، وهو ما أمكن استجلاؤه من آلاف المقالات الصحافية التي أشادت بمحتوى الزيارة”.

وبشأن المقاربة المغربية في محاربة التطرف والإرهاب، استطرد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج: “الإرهاب اخترق كل المنظومات الإنسانية بإيديولوجياتها السياسية وأديانها، لكن المغرب يدعو إلى بناء نموذج للتدين الإسلامي تكون ركائزه هي المعرفة التي يجسدها المؤرخ ابن خلدون، والمعرفة التي نرمز إليها بشخصية ابن رشد، والتصوف الذي يمثله ابن عربي”.

وأشار المتدخل إلى أن “الهجرة المغربية لم تعد مقتصرة على البلدان الأوروبية، وإنما شملت البلدان الآسيوية، ما يجعل منها هجرة معولمة، إذ يعيش المهاجرون الآن في أزيد من 50 بلدا بشكل حقيقي، ما يتطلب تطوير سياساتنا العمومية في هذا المجال، للاستفادة منها في تطوير المنظومة الصناعية والتكنولوجية الحديثة”.

وتطرق بوصوف كذلك إلى برنامج تكوين الجالية المغربية للترافع في قضية الصحراء بقوله: “نسعى إلى دعم تأهيل المغاربة لشرح الوضع الحقيقي للقضية المغربية، لأن الدعوة إلى ما تسمى إقامة دولة بالمنطقة لن تضر بالمغرب فقط، بل ستضرّ بمصالح القارة الإفريقية التي ستعاني من الفتنة، والتي ستنتقل بدورها إلى الضفة الشمالية في مرحلة ثانية”، ليخلص إلى أن “الساحل يعرف انتشارا كبيرا لبؤر التوتر، ولا ينبغي إضافة بؤرة إرهابية أخرى إلى المنطقة، وهو ما ينبغي على العالم أن يعيه جيدا؛ ومن ثم لا بد من تدعيم البلد المستقرّ عوض زعزعته”.

hespress.com