كشف تحليل نشره “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” أن ثقة المغاربة التي ظهرت إزاء الحُكومة والمنتخبين والتدابير المتخذة لمكافحة وباء فيروس كورونا المستجد، عرفت تراجعاً ما بين شهري يونيو وشتنبر.

وجاء ضمن التحليل الصادر الأسبوع الجاري بعُنوان: “المغرب في مواجهة وباء كوفيد-19.. من الثقة إلى القلق”، أن المخاوف ازدادت بشأن الوضع الصحي والاقتصادي للبلاد خلال هذه الفترة.

وذكر المركز البحثي المغربي أن هذا “التطور مُرتبط بشكل وثيق بتطور الوضعية الوبائية في البلاد، حيث ارتفعت حالات الإصابات بفيروس كورونا المستجد والوفيات الناتجة عنه بشكل حاد خلال شهري غشت وشتنبر”.

واعتمد المركز في تحليله لتصور المغاربة لوباء “كوفيد-19” والسياسات العُمومية الرامية إلى احتوائه على ثلاثة استطلاعات أُنجزت من طرف “إبسوس المغرب” خلال أشهر يونيو ويوليوز وشتنبر.

وذكر المركز أنه في بداية انتشار فيروس كورونا المستجد، رحَّـب المغاربة بتدخل الملك محمد السادس لتعبئة الدولة ضد الوباء، كما أشادوا بالتوجيهات التي قدمها للحكومة لدعم الفئات الضعيفة من السكان والاقتصاد الوطني والتعليمات التـي وجههـا أيضاً للقـوات المسلحة الملكية من أجل دعم السلطات الصحية بالمعدات اللوجستية الضرورية.

وأشار التحليل إلى أن المغاربة أظهروا في نهاية الحجر الصحي ثقتهم في كيفيـة تدبير الوباء من طرف مؤسسات الدولة (الشرطة والدرك) والهيئات الطبية (المدنية والعسكرية)، وفي السياسات التي نفذت لمواجهته.

وأبدى المغاربة مخاوف محدودة نسبياً بشأن المســتقبل الصحّي للبلاد والتداعيات الاقتصادية للوباء، وظلّت ثقتهم قويةً في المؤسسـات، حيث تزايدت الشكوك حول فعالية السياسة المتبعة خلال الفترة الممتدة من يُونيو إلى النصف الثاني من شهر شتنبر، وتزايد القلق على نطاق أوسع إزاء المستقبل الصحي مع مُرور الأسابيع.

ففي شهر يونيو، صرّح 71 في المائة من الأشخاص الذين تم استجوابهم بأنهم “يثقون تماماً” أو “يميلون إلى الثقة” في “الشرطة والدرك”، و86 في المائة منهم لهم الرأي نفسه حول الأطباء، و91 في المائة يحملون هذا الرأي تجاه العلماء المختصين. أما تجاه “الزعماء التقليديين” أو “المنتخبين مثل رؤساء الجماعات”، فبلغت الثقة على التوالي 41 في المائة و47 في المائة.

وما بين شهر يونيو ومنتصف شتنبر، بدأ القلق يتزايد والثقة تنعدم بشكل مختلف حسب المؤسسات والمجالات المعنية، لكن على الرغم من تراجع الثقة في مؤسسات الدولة السيادية، (الشرطة والدرك)، والهيئة الطبية (المدنية والعسكرية) والعلماء المختصين، أكد المركز أنها ظلت في مستوى عالٍ.

وخلال الفترة سالفة الذكر، صرح 68 في المائة من الأشخاص المستجوبين بأنهم “يثقون بالأحرى” أو “يثقون تماماً” في الشرطة والدرك، مقابل 71 في المائة في يونيو، و79 في المائة لهم الرأي نفسه في الأطباء، مقابل 86 في المائة في يونيو.

وتزايد القلق لدى المغاربة بشأن الوضع الاقتصادي، حيث اعتبر 85 في المائة ممن شملهم الاستطلاع في شتنبر أن للوباء “تداعيات خطيرة إلى حد ما” أو “خطيرة للغاية” على الاقتصاد المغربي، مقابل 71 في المائة فقط في يونيو.

من الناحية النفسية، أشار التحليل إلى أن الوضع تدهور، حيث صرح 49 في المائة من المستجوبين بأن درجة الرضا على الحياة المعاشة، بناء على مقياس من 1 إلى 10، هي في حدود 6، مقابل 56 في المائة في شهر يونيو.

كما ظلت مظاهر الانزعاج ثابتة إلى حد ما بين يونيو وشتنبر، حيث أعلن 70 في المائة من المستجوبين أنهم عانوا على الأقل عدة أيام من الإحباط أو الاكتئاب أو فقدان الأمل في شتنبر، مقابل 67 في المائة في يونيو، وهو ما يعكس شكلاً من أشكال التراجع العام في الشعور بالراحة لديهم.

وقد أشرف على هذا التحليل كل من امحمد الظريف، وهو باحث بارز في مركز السياسات من أجل الجنوب سبق أن تولى مناصب مسؤولية في الداخلية والأمن الوطني، وسعد بدوي، مختص بارز في علم البيانات في المركز، إضافة إلى دومينيك كيو، أستاذ العلوم السلوكية والاجتماعية في كلية الحكامة والاقتصاد بجامعة محمد السادس التطبيقية.

hespress.com