لم تمض سوى أربع وعشرين ساعة على جولان أسطول الحافلات الجديدة بالدار البيضاء حتى كشفت الشركة المفوض لها تدبير قطاع النقل الحضري عن تخريب إحدى العربات من لدن أحد سكان المدينة، فيما تفاعلت السلطات الأمنية بسرعة مع الحادث وألقت القبض على المسؤول عنه.

وتهجّم شخص ثان، رفض تأدية ثمن التذكرة، على سائق حافلة أخرى بعد ساعات قليلة من الواقعة، ما جعل كثيرين ينتقدون “الأفعال الإجرامية” التي تؤدي إلى تخريب المرافق العمومية لمواطني مدينة الدار البيضاء، الذين هم في أمسِّ الحاجة إلى الحافلات الجديدة في ظل أزمة التنقل التي يتخبطون فيها بصفة يومية.

وأعادت تلك الحوادث النقاش من جديد بشأن الوعي المجتمعي في علاقته بالجهود المبذولة على المستوى المؤسساتي، ففي كل مرة يصطدم الرأي العام المغربي بتخريب مرفق عمومي حديث التأسيس، خاصة ببعض الأحياء المعروفة بتفشي الجريمة وسط الحواضر الكبرى.

وتصرف الجهات المسؤولة مبالغ مالية مهمة من أجل إخراج مشاريع عدة إلى حيز الوجود، لكن “عقلية التخريب” السائدة في بعض الأوساط الشبابية تقوض الجهود المبذولة على صعيد الجماعات الترابية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في المناهج التعليمية، تحديدا ما يتعلق بالتربية على قيم المواطنة.

وبشأن دوافع بروز هذه النوعية من الممارسات السلوكية في المجتمع المغربي خلال السنوات الأخيرة، أفاد عبد القادر مانا، باحث مغربي في علم الاجتماع، بأن “مجموعة من المدن الكبرى بدأت تشهد عودة ملحوظة لظواهر الإجرام بصفة عامة من طرف بعض الفئات المجتمعية، خاصة الشباب”.

وقال الكاتب المغربي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “الأمر أشبه بعودة تقاليد السيبة التي كانت سائدة خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر”، مضيفا: “ينبغي إعادة النظر في المناهج التربوية الراهنة التي تحكم العامل الأمني في صياغتها خلال العقود الماضية”.

وأورد مانا أن “المدرسة العمومية تفتقر إلى المقاربة النقدية اللازمة التي يجب تدعيمها منذ سنوات الصغر، حيث يتم الاعتماد على الحفظ فقط بدون غايات تعليمية”، مبرزاً أن “الظواهر القائمة في المجتمع المغربي تتطلب تشجيع الفكر التحليلي، خاصة ما يتعلق بالتربية على قيم المواطنة”.

hespress.com