بشكل مقلق، تزايدت مظاهر العنف المادي والمعنوي ضد الأطر التعليمية في الآونة الأخيرة، حيث انتشرت مقاطع فيديو تظهر أساتذة يدخلون في عراك بالأيدي مع التلاميذ داخل الأقسام، وهي مشاهد أصبحت مألوفة لدى المغاربة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، بينما تطالب الأطر التعلمية بالحماية القانونية.
وخلال بداية الأسبوع الجاري، تعرض أستاذ لمادة الرياضيات في برشيد للعنف من أحد طلبته بعدما منعه من الغش في الامتحان، حيث رفض منح الأستاذ الورقة وقام بإمساكه بعنف من عنقه ووجه له لكمة على مستوى الوجه، ليتدخل على إثرها مجموعة من التلاميذ ويوقفوا تطور الواقعة بين الطرفين.
وتعيد هذه الواقعة مشاهد الاعتداءات اليومية التي يتعرض لها الأستاذة سواء داخل الحجرات الدراسية أو بالقرب من المؤسسات التعليمية، حيث سبق أن تعرضت أستاذة بلباسها المهني لاعتداء “شنيع” من طرفِ أحد تلامذتها بالقُرب من المركز الدراسي الذي تشتغلُ فيهِ بمدينة سلا.
عبد الوهاب السحيمي، إطار تربوي وفاعل نقابي، وقف عند ما اعتبره “تزايد مظاهر العنف ضد الأستاذة”، موردا أن “الظاهرة ليست وليدة اليوم، لكنها استفحلت بشكل كبيرة في الآونة الأخيرة، هذا الاستفحال راجع إلى أسباب مترابطة في ما بينها”، منتقدا “مجموعة من التصريحات المغرضة والمقصودة من طرف الجهات المعنية والوزارة والحكومة”.
وشدّد الأستاذ ذاته، في تصريح لهسبريس، على أن “المسؤولين الحكوميين لا يفوتون الفرصة دون أن يحملوا الأساتذة الإخفاق والفشل اللذين آل إليهما قطاع التعليم اليوم؛ حيث يتم تحميل الأساتذة كل المسؤوليات عبر تصريحات هدفها النيل من الأطر التعليمية وضرب المدرسة العمومية”.
وأشار السحيمي إلى أنّ “غياب ترسانة قانونية تحمي الأستاذ، يزيد من استفحال الظاهرة”. وتابع شارحا: “عندما يتعرض الأستاذ للعنف من طرف غرباء أو متعلمين، يلجأ إلى القانون كأي مواطن عادي. لكن عندما يتعرّض رجل أمن لاعتداء، تقوم الدنيا ولا تقعد”.
واعتبر الإطار التربوي أن “الأستاذ غير محمي ومهنته تجعله معرضا لمثل هذه الاعتداءات”، داعيا إلى “توفير ترسانة قانونية لحماية الأستاذ. الوزارة تتعامل بشكل مهين، لا تبدي أي اهتمام بصحة الأطر التعليمية، كما أنها تتعامل ببرودة مع مثل هذه الوقائع”.
وزاد المتحدث قائلا: “عندما يتم تعنيف أستاذ يقوم المسؤولون بتنقيل التلميذ إلى مؤسسة تعليمية أخرى، بينما تمارس ضغوط على المديريات التعليمية من أجل ترسيخ صورة سلبية على الأستاذ. موقف الوزارة سلبي يخلق شكا وسط الأطر في كون هذه الاعتداءات مخططا لها”.
وتوقف المتحدث عند هشاشة “أساتذة التعاقد” الذين يعيشون وضعا “صعبا”؛ إذ “يتعرضون للقمع والتنكيل خلال احتجاجاتهم، وهذا يعطي صورة لعامة الناس بأن الأستاذ حيْطْ قْصيرْ”، على حد تعبيره، مضيفا: “هناك مخطط من أجل القضاء على المدرسة العمومية، ويستحيل الحديث عن الإصلاح في ظل هذا الوضع والاعتداءات المتكررة”.