
قبيْل حلول شهر رمضان من كل سنة، يبادر شاربو الخمر في المغرب إلى الإقلاع عن شربه قبل أربعين يوما. كما تُبادر المتاجر المتخصصة في بيع الخمور والحانات في الفترة ذاتها إلى إغلاق أبوابها، لتعود إلى استئناف نشاطها مباشرة بعد مرور شهر الصيام.
وجرت عادة شاربي الخمر على الإقلاع عن شربه استنادا إلى أن أثر الخمر يظل عالقا في الجسم لمدة أربعين يوما، ومن ثَم يتجنبونه خلال هذه المدة ابتغاء أن يكون صيامهم صحيحا؛ لكن هل يوجد في الشريعة الإسلامية سنَد لهذا السلوك أم أنه عادة اجتماعية فقط؟
يؤكد لحسن بن إبراهيم سكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة، “أن شرب الخمر حرام بنص القرآن الكريم في قوله عز وجل: “فاجتنبوه لعلكم تفلحون”؛ وهو أمر إلهي رباني للمؤمنين باجتناب الخمر شربا وبيعا وشراء وصناعة”.
ويضيف بأن “الاجتناب هو الابتعاد، وهو أبلغ من لفظة حرام في الدلالة على تحريم الخمر. ويدل على ذلك قول الله تعالى مخاطبا المؤمنين: “فهل أنتم منتهون”، سورة المائدة الآية 91، بعد بيان ضرر الخمر على الفرد وعلى الجماعة، وهذا استفهام إنكاري تقريعي توبيخي؛ ولهذا كان رد فعل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي جعل الله الحق في قلبه وعلى لسانه: “بلى انتهينا يا ربنا””.
وجوابا عن سؤال بخصوص وجود سند في الشريعة الإسلامية للامتناع عن شرب الخمر قبل أربعين يوما من حلول رمضان، قال سكنفل في تصريح لهسبريس: “إذا كان القصد من ترك شرب الخمر هو صيام شهر رمضان، فهذا أمر محمود بشرط أن لا ينوي العودة إلى شربها بعد انقضاء شهر الصيام؛ فهذا عبث واستهزاء وسخرية بالدين”.
واستطرد: “أعتقد أن الدافع إلى ترك شرب الخمر أربعين يوما قبل شهر رمضان هو التطهر من هذا الرجس استنادا إلى الحديث الذي رواه الإمام الطبراني رحمه الله وفيه: “إن العبد ليقذف الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوما”، وهذا الحديث وإن كان ضعيفا فيمكن اعتماده باعتبار رغبة المؤمن المبتلى بشرب الخمر أن يقبل الله صيامه”.
وأوضح رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة “أن الصيام هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد والتقرب إلى الله، فإن فعل المؤمن ذلك صحّ صيامه مهما كان عمله قبل ذلك. أما قبول العمل أو عدم قبوله فيرجع ذلك إلى الله تعالى هو العالم بسرائر النفوس “يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور “”.
ووجه الفقيه المغربي نصيحة إلى المبتلين بشرب الخمر قال فيها “إن ترك مَن ابتلاه الله بهذه المعصية لشرب الخمر أربعين يوما قبل شهر الصيام، ثم خلال شهر الصيام كله، وما بعده من أيام العيد، لدليل على أنه قادر على التخلي عن هذه المعصية التي هي أم الكبائر، وفي عمله هذه إشارة إلى أنه مؤمن صادق الإيمان؛ لأنه يعتقد أن الخمر حرام”.
وأردف: “على المبتلي بهذه المعصية أن يقبل هدية الله إليه، وهي هذا الشهر المبارك حيث يتخلص من هذه الآفة، وعليه أن يستمر على ذلك بعد انقضاء شهر رمضان وأن يعزم على ذلك عزم الصادقين ليُؤجر مرتين؛ مرة على صيامه وقيامه خلال شهر رمضان، ومرة على تركه لشرب الخمر طاعة لله تعالى وامتثالا لأمره عز وجل”.