كشف التقرير العام للنموذج التنموي الجديد أن المشاورات التي تم إجراؤها عبر ربوع البلاد، طيلة أكثر من سنة، أبرزت بعض المخاوف بشأن المستقبل.

وجاء في التقرير، الذي قدمته اللجنة الخاصة للنموذج التنموي أمام الملك محمد السادس الثلاثاء، أن هذه المخاوف نابعة أساسا من الإحساس بتعطل آليات الارتقاء الاجتماعي وتلاشي الثقة في قدرة المؤسسات العمومية على السهر على الصالح العام.

وكشف التقرير، الذي أعدته لجنة من الخبراء يترأسهم السفير المغربي في باريس شكيب بنموسى، أن المشاركين والمشاركات في المشاورات أعربوا عن قلقهم إزاء هذه الحالة التي يزيدها استفحالاً الشعور بضعف الحماية الاجتماعية والقضائية.

وأوردت الوثيقة أن خلاصات جلسات المشاورات ركزت على نقطتين أساسيتين، أولهما ضعف الإدماج الذي يتسم به النموذج التنموي الحالي والمتجلي في تعميق الفوارق ومخاطر التراجع الاجتماعي للطبقة المتوسطة. وتشير النقطة الثانية إلى أزمة الثقة تجاه الفعل العمومي في سياق تردي الخدمات العمومية وضعف الحس الأخلاقي وقيم النزاهة على العموم لدى المكلفين بتدبير الشأن العام.

وأشار التقرير أيضا إلى ضعف الثقة إزاء النخب السياسية والاقتصادية والفئات الاجتماعية الميسورة التي ينظر إليها من زاوية استفادتها من امتيازات غير مشروعة، وأنها غير حريصة على المصلحة العامة.

وأعرب غالبية المواطنين، وفق التقرير العام للنموذج التنموي، عن عدم الرضا لغياب آليات التقنين الفعلي للأنشطة الاقتصادية وكذا انعدام حد أدنى من الحماية الاجتماعية للجميع.

واستعرض التقرير بعض العبارات التي صرح بها المواطنون وتكشف عن مناخ عدم الرضا وضعف الثقة، من بينها: “لا مال، لا علاجات”، “النظام التعليمي يقتل الإبداع”، “المغرب بلد في حالة حرب، ضحاياها الشباب”، “لا شيء ينتظر من القادة السياسيين”، “جزر من النجاح والثروة في محيط من البؤس”.

كما استعمل المغاربة الذين استمعت إليهم اللجنة الملكية عبارات: “لدينا أفضل القوانين في العالم لكنها غير مطبقة”، “يجب أن نحارب الإثراء غير المشروع ونربط المسؤولية بالمحاسبة”، “الفساد والغش والمحسوبية في تحصيل الضرائب، هذه المشكلة”.

ويتجلى من التقرير أن آراء المشاركين في المشاورات تتطابق بشأن التقدم الحاصل والإنجازات العامة للبلاد خلال العقدين الماضيين، والتي لم تمنع رغم ذلك من تعميق الفوارق وتدهور جودة الخدمات العمومية.

وأشارت اللجنة الملكية الخاصة للنموذج التنموي إلى أن “التوزيع غير المتكافئ للمجهود الإنمائي عبر التراب الوطني، تحت التأثير المزدوج لضعف الإمكانيات والاختلالات في تدبير الشأن العام، يغذي الشعور بوجود تعامل متباين مع الساكنة ومع المجالات الترابية”.

hespress.com