لم يخمد النقاش الذي أعقب قيام شخص يرجح أنه عون سلطة “مْقدم” بتعنيف أساتذة متعاقدين في الرباط، منذ بث مقطع الفيديو الذي يظهر فيه “المقدم” وهو يُسقط أستاذا على قارعة الطريق بركلة خاطفة في عضلة ساقه من الخلف، بعد أن ركل أستاذا آخر بالطريقة ذاتها؛ فقد طالب كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمعاقبة “عون السلطة”، فيما تساءل نشطاء حقوقيون عن الجهة التي تتحمل المسؤولية في الترخيص لأعوان السلطة بتفريق المتظاهرين.

وفق مقتضيات الظهير رقم 1.58.377 المتعلق بالتجمعات العمومية، فإن أعوان السلطة “القواد والباشوات” تُسند إليهم أدوار في تنظيم المظاهرات، حيث ينص الفصل 22 من الظهير المذكور على أنه “يمكن للباشوات أو القواد أن يتخذوا، في كل وقت محافظة على النظام والاطمئنان العام، قرارا بمنع عرض وحمل الشعارات والرايات أو كل علامة أخرى للاجتماع، سواء كان ذلك في الطرق العمومية في البنايات والساحات والأماكن المباحة للعموم”.

وبالعودة إلى الوثيقة نفسه، فإنها تتحدث في الفصل 19 عن حمل الشارات الوظيفية بالنسبة إلى الأشخاص الذين خول إليهم القانون فض الاحتجاجات، سواء عميد الشرطة، أو كل عوْن آخر يمثل القوة العمومية والسلطة التنفيذية؛ وهو الشرط الذي لم يتوفر في الشخص الذي عنف الأساتذة المتعاقدين، حيث لم يكن يحمل أي شارة تدل على هويته أو المؤسسة الرسمية التي ينتمي إليها، ما يجعل تدخله موضع تساؤلات.

محمد النشناش، الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، قال إن التجمعات السلمية هي حق للمواطنين يكفله الدستور، وإذا وقع خلاله تجاوز من طرف المحتجين مثل عرقلة السير العام يحق للأجهزة الأمنية المكلفة بإنفاذ القانون التدخل؛ “لكن بلباقة، من أجل تحويلهم إلى مكان آخر ضمانا للسير العادي للمرفق العام وليس تفريقهم بعنف”.

وأكد النشناش، في تصريح لهسبريس، أن العناصر الأمنية التي لا ترتدي الزي الرسمي أو الشارة التي تدل على صفتها لا يحق لها القيام بأي تدخل لتفريق المحتجين، “والأسوأ من ذلك هو أن تقوم بتعنيف المواطنين، تحت أنظار رؤسائهم”، مضيفا أن “عناصر القوات المساعدة يقومون بأدوار يحددها القانون، ولا حق لهم في تجاوزها”.

وانتقل التفاعل مع واقعة تعنيف “المقدم” للأساتذة المتعاقدين من مواقع التواصل الاجتماعي إلى المؤسسات الرسمية، حيث علق وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان على الموضوع، مساء أمس الخميس، معتبرا أن ما قام به الشخص المعني يجعله واقعا في دائرة المساءلة القانونية “التي ينبغي أن تكون سنة ثابتة في أي بلد يحترم التزاماته ويصُون كرامة مواطنيه”.

وغداة تعليق وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان على الواقعة، أصدرت ولاية جهة الرباط – سلا – القنيطرة بلاغا أعلنت فيه عن فتح تحقيق لتحديد هوية الشخص الذي ظهر في الصور ومقاطع الفيديو التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، والكشف عن ظروف وملابسات استعماله للعنف أثناء تفريق تجمهر الأساتذة، “مع تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية اللازمة”.

ولاحقا، أوقفت الشرطة القضائية بمدينة الرباط الشخص الذي ظهر في مقاطع فيديو وهو يعنف الأساتذة المتعاقدين خلال تفريق احتجاجهم بالعاصمة، بعد تحديد هويته، حيث تم الاحتفاظ به تحت تدابير الحراسة النظرية ريثما يُستكمل معه البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة.

hespress.com