بعد أن حظيت المصادقة على القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بترحيب من طرف الهيئات العاملة في مجال حماية المال العام، تسود مخاوف من أن يؤدي عدم تفعيل القانون المذكور إلى تقصير هيئة النزاهة في النهوض بمهامها.
وبموجب القانون رقم 46.19، تم توسيع صلاحيات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؛ إذ أصبحت تحوز صلاحية التقصي الإداري والإحالة على النيابة العامة في حالة المخالفات ذات الطابع الجنائي، غير أن التجربة الأخيرة التي مرَّ بها مجلس المنافسة أفرزت مخاوف من أن يؤدي عدم تفعيل النصوص القانونية إلى عرقة عمل الهيئة.
في هذا الإطار، قال أحمد البرنوصي، الكاتب العام لـ”ترانسبارانسي” المغرب، إنّ وضع النصوص القانونية المؤطرة لعمل الهيئة الوطنية للنزاهة وحده لا يكفي، بل إنّ الغاية منها لا تتحقق إلا بتطبيقها، مشيرا إلى أن التجربة الأخيرة لمجلس المنافسة بإقالة رئيسه السابق وتعيين رئيس جديد، كانت بسبب عدم احترام القانون المنظم لعمل المجلس.
وأوضح البرنوصي، في تصريح لهسبريس، أن قانون مجلس المنافسة يتيح لأي شركة متضررة أنجز المجلس بشأنها تقريرا أن تلجأ إلى المحكمة، وهو الإجراء الذي لم يتم احترامه في النزاع الذي نشب بين المجلس وشركة توزيع المحروقات، التي ارتأت أن تلجأ إلى الملك، حيث تم تشكيل لجنة أوصت بمراجعة مساطر المجلس، وتكليف رئيس الحكومة بمراجعة القانون المنظم له.
وانطلاقا من هذا المعطى، قال البرنوصي: “نحن في ترانسبارانسي ثمّنا المصادقة على قانون هيئة النزاهة، ولكننا نؤكد أن النصوص القانونية وحدها لا تكفي مهما كانت جودتها، ونتخوف من أن يتكرر نفس المشكل الذي وقع في مجلس المنافسة مع هيئة النزاهة”.
نظريا، فإنّ القانون رقم 46.19 قوّى ووسع وظائف ومهام الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، “لتتمكن الهيئة من أن تصبح أداة أقوى مما كانت عليه في محاربة الفساد ومحاربة الرشوة”، كما صرح بذلك رئيس الحكومة بعد مصادقة هذه الأخيرة على القانون المذكور.
ويرتبط تحقيق هذا الرهان، في رأي أحمد البرنوصي، بـ”مدى توفر الإرادة السياسية لدى الفاعل السياسي، أم إننا نريد فقط إنشاء هيئات للحكوْمة ذات طابع صوري”، مشيرا إلى أن عدم احترام القوانين المؤطرة لعمل هذه الهيئات له تبعات جدّ سيئة على سمعة المغرب في ما يتعلق بالاستثمار، وكذلك على مستوى تنافسية اقتصاده.
ونبّه الكاتب العام لترانسبارانسي إلى أن ضعف التنافسية الاقتصادية وزعزعة ثقة المستثمرين، عاملان يؤديان بشكل مباشر إلى مشاكل اجتماعية مثل البطالة والهجرة.