في تقرير حول محاكمات المتابعين على خلفيّة حَراك جرادة، أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بـ”إرساء استعمال وسائل التسجيل السمعية البصرية أثناء تحرير محاضر الضابطة القضائية”، و”ضرورة إعمال مبدأ تساوي الإثباتات بالاستماع إلى كل شهود النفي ذات الصلة بالمتابعة”.

وفي تقريره الموضوعاتيّ حول “احتجاجات جرادة”، جدّد المجلس دعوته إلى مراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بالتجمعات العمومية والتظاهر السلمي، قصد “ملاءمتها مع المقتضيات الدستورية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما يكفل توسيع استعمال الفضاء المدني وضمان بيئة مواتية لعمل المدافعين عن حقوق الإنسان”.

ودعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى إدراج “مقتضى جديد يتيح لمسؤول القوات العمومية، أو أي شخص مؤهل من لدنه، القيام بمحاولة تفاوض أو وساطة قبل القيام بأي إنذار”، و”إدراج مقتضى جديد يكرس صراحة مبدأين ينبغي أن يحكما اللجوء إلى القوة وهما الضرورة والتناسب”، مع “النّصِّ على أن كل عملية لاستعمال القوة ينبغي أن تتم تحت مراقبة وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية”.

ومن بين ما جدّد المجلس دعوته إلى ضرورة مراجعته، وَفق تقريره الموضوعاتيّ، “تقوية دور الدفاع خلال مرحلة ما قبل المحاكمة، بحضوره أثناء مرحلة البحث التمهيدي”، و”إدماج الحق في الطعن في كافة القرارات المتعلقة بسلب الحرية، خاصة قرار الوضع في الحراسة النظرية”، والسّماح لملاحظيه المنتدبين بحضور جلسات المحاكمات السرية، بما في ذلك جلسات التّحقيق الإعداديّ وجلسات قضايا الأحداث، والجلسات التي تقرّر المحكمة جعلها سرية.

واعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنّ الاحتجاجات التي شهدتها مدينة جرادة، بشكل متقطع بين سنتي 2017 و2019، قد “أثارت بامتياز، الإشكاليات المرتبطة بإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في فضاء تعاني فيه الساكنة من صعوبات الولوج للعمل والصحة والمستوى المعيشي الكافي”.

ووصف تقرير المجلس هذه الاحتجاجات بأنها تميزت “بتصاعُدِها أحيانا وتواترها بأشكال مختلفة أحيانا أخرى، واستقطابها عددا من الفئات العمرية والاجتماعية للتعبير عن مطالب اقتصادية واجتماعية وخدماتية”، واعتماد المتظاهرين خلالها “على أشكال احتجاجية جديدة، واستعمال شبكات التواصل الاجتماعي للتعبئة، ونشر أطوار التظاهر”.

وسجّل التقرير “سلمية الاحتجاجات منذ انطلاقها”، مستثنيا “احتجاجات يوم 14 مارس 2018 التي عرفت أعمال عنف وإضرام نار ترتب عنها إصابة 312 جريحا من القوات العمومية، من بينهم من هم في حالة خطيرة، و32 جريحا من بين المحتجين، من بينهم قاصر في حالة حرجة، واستعمال القوة لتفريق الاحتجاجات”.

وذكر التّقرير أنّ “المعتقَلين في ملف احتجاجات جرادة” قد مُتِّعوا بمجموعة من الضّمانات، هي: “إعلام كل متهم سريعا وبالتفصيل، وبلغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها”، و”إعطاء كل متهم الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه”، و”محاكمة المعتقلين دون تأخير وداخل أجل معقول بالنظر إلى عددهم، وعدد الضحايا المفترضين ودرجة تعقيد القضية والمهل التي طلبها الأطراف”، مع “محاكمة المعتقلين حضوريا”، و”سماح المحكمة لكل متهم بأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره”.

ومع حديث تقرير المجلس عن سماح المحكمة بمناقشة شهود الاتهام، وهم أساس الضحايا المفترَضون في الملفّ من أفراد القوّات العموميّة، سجّل “رفض المحكمة استدعاء شهود النفي”.

ومع ترحيب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالعفو الملكي على معتقلي احتجاجات جرادة، قدّم عددا من التّوصيّات، من بينها “احترام حق التظاهر السلمي، وإعمال التأويل الحقوقي، بغض النظر عن التصريح أو الإشعار والعمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية التي تؤطر تدخل القوات العمومية”، و”فتح تحقيق بخصوص الجرحى من المحتجين خلال فض احتجاجات 14 مارس ونشر نتائجه”.

ودعا المجلس “كافة السلطات العمومية، التنفيذية والتشريعية، والمجالس المنتخبة، للتفاعل الإيجابي مع المطالب الاستعجالية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والتنموي لساكنة مدينة جرادة وإقليمها”، مع “تقييم التقدم المحرز وأثر خطة العمل المستعجلة التي أطلقتها السلطات الجهوية (…) والمشاريع التي تم تنفيذها حتى الآن كجزء من تفاعل السلطات العمومية مع مطالب المتظاهرين”، و”مساءلة شركة مفاحم المغرب من حيث احترامها لمسؤوليتها الاجتماعية تّجاه العاملين”.

وأوصى المجلس بضمان حقّ التظاهر السلمي، ولو لَم يتقيد بالشروط القانونية المنصوص عليها، مع “العمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية التي تؤطر تدخل القوات العمومية وفقا للمبادئ الدولية في هذا الشأن”، و”الاحترام الصارم لكرامة الموقوفين على خلفية الاحتجاجات والالتزام بالقواعد ذات الصلة”، وتجريم “العنف غير المشروع، بما يضمن ممارسة الحق في التعبير والتّجمُّع والتظاهر السلمي”.

hespress.com