يسلط تقرير جديد الضوء على “ممارسات العنف التي تطال مدافعات عن حقوق الإنسان بالمغرب”، وقدمته، الجمعة، مجموعة شابات من أجل الديمقراطية.
وفي ندوة صحافية رقمية قالت بشرى الشتواني، منسقة “شابات من أجل الديمقراطية”، إن المجموعة اضطرت إلى تنظيم نشاطها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بعدما “فوجئت بمنع تنظيمه حضوريا، دون معرفة السبب، رغم الالتزام المعبر عنه بتدابير الوقاية من فيروس كورونا”؛ وزادت: “الحمد لله أنه مازال هناك متنفس من الحرية في العالم الافتراضي، لا يمكن منعه بدون تبرير”.
ويذكر التقرير أن المناخ العام لسنة 2020 طبعه “الانغلاق السياسي والحقوقي لسببين، الأول هو الأزمة الصحية التي عرفها العالم، والتي نتج عنها اتخاذ الدول تدابير استثنائية تحد من الحريات باسم ‘حماية المواطنات والمواطنين’ من الوباء، والتي كان المغرب جزءا منها؛ والسبب الثاني هو اعتماد المقاربة الأمنية التي تنتهجها بلادنا منذ سنوات في تدبير العديد من الملفات والقضايا المجتمعية، ومنها تدبير الجائحة الحالية”.
ويقول التقرير إن السنة الماضية “تميزت باستمرار إخراس أصوات المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان عبر المتابعات القضائية، والسجن، والتضييق، إذ تعرض مجموعة من الصحافيين ومن النشطاء والناشطات في مجال حقوق الإنسان للاعتقال والسجن والتضييق، بسبب كشفهن وكشفهم عن مختلف الانتهاكات المرتبطة بحقوق الإنسان، وبسبب انتقاد السياسات العامة للدولة”.
ويركز التقرير على المدافعات عن حقوق الإنسان، لأن “العنف الممارس عليهن أكثر أشكال العنف تطرفاً، لكونه تجسيدا حقيقيا للتمييز واللامساواة البنيوية في المجتمع، التي ترسخ حرمان النساء من حقوقهن، واستبعادهن عن صنع القرار العام”.
ومن الانتهاكات في حق المدافعات عن حقوق الإنسان، التي رصدتها مجموعة شابات من أجل الديمقراطية: “الملاحقات القضائية، وحملات الوصم والتشهير، والاعتداء على الحق في التجمع والتجمهر السلمي”.
ويقف التقرير عند ما حدث بتاريخ 13 شتنبر 2020 من اعتقال للناشطة فرح بلحاج، “على خلفية مشاركتها في وقفة احتجاجية نظمها تجار بمدينة القنيطرة، احتجاجا على قرار السلطات إغلاق المؤسسات الإنتاجية والخدماتية والتجارية في الساعة السادسة مساء، في إطار الإجراءات الاحترازية ضد انتشار وباء كورونا”، قبل أن تتابعها النيابة العامة في حالة سراح بتهمة خرق تدابير حالة الطوارئ والتحريض على التجمهر.
كما يسجل التقرير استدعاء الناشطة سهام المقريني بتاريخ 5 ماي 2020، من طرف مصالح الدرك الملكي بإقليم الدريوش، للتحقيق في البيانات والتدوينات والصور التي شاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعت فيها إلى تحسين الحقوق الاقتصادية للمعلمين في المغرب، واتهمت بـ”تحريض زملائها على الإضراب والتظاهر”، وتمت متابعتها في حالة سراح، قبل أن يحكم ببراءتها يوم الثلاثاء 17 شتنبر من طرف ابتدائية الدريوش.
وبتاريخ 08 دجنبر 2020 يسجل التقرير “استدعاء الناشطة والإعلامية بشرى الشتواني من طرف المحكمة الابتدائية، للمثول أمامها بتهم تتعلق بالسب والقذف ونشر أخبار زائفة، عقب نشرها فيديو مصور في إطار عملها الصحافي (…) يعرض شهادة لإحدى العاملات الزراعيات تشتكي تعرضها لخطأ طبي نتجت عنه مضاعفات”، كما تلقت في 20 يوليوز 2020 استدعاء للمرة الثانية ضمن الملف نفسه، و”توالت بعدها المتابعات في ملفات أخرى”.
وبتاريخ 22 أكتوبر 2020، يتحدث التقرير عن استدعاء فرقة الدرك الملكي بقلعة مكونة الناشطة فضيلة المخلوفي، على خلفية نشرها مقطع فيديو يتضامن مع “حراك الريف” ومعتقليه، ومثلت في اليوم نفسه أمام النيابة العامة بمدينة تنغير التي قررت متابعتها في حالة سراح.
كما يذكر المصدر نفسه أنه بتاريخ 28 أكتوبر 2020، نشرت الناشطة الحقوقية كريمة نادر شريطا مصورا على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، تستنجد فيه بالسلطات بسبب تسريب موقع إخباري وثيقة خاصة بطفلها القاصر، بعدما كانت قد أعلنت أنها أم عازبة، وأعلنت “قرارها متابعة القناة وصاحبها قضائيا، وأخبرت أصدقاءها بأن المقال وصل إلى طفلها عبر واتساب، وحملت المنصة والمشرف عليها مسؤولية الأضرار المعنوية والنفسية التي قد يتعرض لها”.
وفي توصيات التقرير، حثت مجموعة شابات من أجل الديمقراطية الدولة على “الالتزام بالمواثيق الدولية والوطنية حول حماية المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتوفير بيئة آمنة لعمل المدافعات عن حقوق الإنسان وحمايتهن وتمكينهن من الآليات القانونية للدفاع عن حقوق الإنسان، دون تمييز، واعتماد تدابير حمائية ضد الاعتداءات والانتهاكات التي يتعرضن لها”.
وحثت المجموعةُ أيضا على إطلاق سراح وتوقيف متابعة من اعتقلوا أو توبعوا بسبب ممارستهم الحق في حرية التعبير، مع التحقيق في الادعاءات المتعلقة بانتهاك حقوق المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، والتكفل بعدم وضع قيود على حرية تكوين الجمعيات، أو حرية التعبير، أو غيرها من أنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان.
ودعت “شابات من أجل الديمقراطية” إلى العمل على مراجعة ظهير التجمعات العمومية، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية من النصوص التشريعية في علاقة بالحق في التظاهر والتجمع السلمي، مع “إلزام السلطات بتقديم تعليل لقرارات المنع، وتسليمها مكتوبة لمؤطري التظاهرات، لتمكينهم من ممارسة حق الطعن أمام المحاكم”.
وحثت توصيات التقرير ذاته القطاعات الحكومية والشركات الاقتصادية على “احترام إجراءات العناية بحقوق الإنسان، كما هو منصوص عليه في الصكوك الدولية الخاصة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان”، مع “تبني سياسة عدم التسامح مع أعمال العنف، والتهديدات ضد المدافعات عن حقوق الإنسان، في ما يتعلق بالقضايا المندرجة ضمن حقوق الشغل”.