قدّم التقرير السنوي “للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان”، حول وضع الحقوق والحريات بالمغرب خلال سنة، نظرة لعشرة مجالات حقوقية بالمغرب خلال 2019، مقدما خلاصة تفيد بأن “المعطى، الذي بات يؤطر الخطاب حول وضع الحقوق والحريات بالمغرب خلال سنة 2019، هو التشديد على منحى التراجع أو النكوص أو الإحساس بالتدهور الحاد”.

وأشار التقرير إلى القلق البالغ الذي يساور المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، بشأن التزايد المضطرد للمتابعين قضائيا بسبب خرق تدابير الحجر الصحي، مؤكدا “أن العقوبات السالبة للحرية ليست حلا ناجعا، وخاصة في مثل هذه الظرفية التي ـ ولأسباب موضوعيةـ قد يتضاعف فيها خطر الإصابة بجميع أماكن سلب الحرية، وما قد يترتب عنه من تداعيات على العاملين بها والوافدين عليها.. ولأنه لا بديل عن الصرامة في إعمال القانون تجاه المخالفين كما جرى هنا ويجري في الكثير من بلدان العالم، فإن التشديد سيظل مطلوبا في جعل الغرامات عقوبة ردعية بامتياز لكل من يقدم على المس بسلامة الآخر كأفراد وكمجتمع”.

وفيما يهم المجالات العشرة التي شرحتها المؤسسة ضمن تقريرها، فقد أشارت فيما يهم الحق في الحياة إلى استمرار الإبقاء على عقوبة الإعدام ضمن التشريعات الوطنية وجرد الأحكام ذات الصلة خلال سنة 2019، مع تسجيل الوسيط لغياب تحمل الحكومة لمسؤوليتها بشأن التزامها بإطلاق ورش النقاش المجتمعي وتعميم حصيلته.

ومن جهة ثانية، أشار التقرير إلى تقديم حالات بشأن انتهاك الحق في الحياة على خلفية التجمع والتظاهر السلمي، حيث تحددت نسبة حالات المنع أو التدخل لفك التجمع والاستعمال غير المتناسب للقوة في 1.17 في المائة، مع تسجيل وفيات تخص حالتين برسم سنة 2019.

ومن جهة أخرى، سجل التقرير “تقديم المعطيات ورصد الحالات بشأن انتهاك الحق في الحياة بسبب استعمال السلاح الوظيفي وارتفاع حوادث الطرق وتنامي اللجوء إلى الانتحار، وحالات الوفيات بسبب الهجرة غير النظامية، وكذا انتهاك الحق في الحياة بسبب عدم تيسير الولوج إلى الخدمات الصحية، وأحيانا بسبب ضعف الخدمات ومحدودية الموارد حتى في حالة الولوج إليها.. ولذلك، فإن مختلف المعطيات وحالات المس بالحق في الحياة في علاقة بالمجالات موضوع الرصد تعد مصدر قلق وانشغال متزايد يستدعي التدخل عبر مراجعة التشريعات وإعداد وإعمال السياسات المنصفة من أجل ضمان حماية هذا الحق”.

وضمن مجال حرية الجمعيات، وقفت الجمعية عند “حالات المنع التي تعيق حرية الجمعيات، والتي اتخذت عدة أشكال وسمت تدخل ممثلي السلطات الإدارية لعدة سنوات، واستمرت خلال سنة 2019”.

وقالت إنه “بخصوص حرية الجمعيات على مستوى الممارسة خلال سنة 2019، فقد قدم الوسيط قراءته في الحكم القضائي بشأن حل جمعية جذور، وخلص إلى أن قرار حل جذور يعد الحدث الأبرز في سنة 2019؛ لأنه يشكل تحولا نوعيا في التعاطي مع حرية الجمعيات بالمغرب، ومن شأنه أن يؤثر على عملية مراجعة الإطار التشريعي للجمعيات الذي وعدت به الحكومة منذ عدة سنوات”.

وقالت الوسيط إنه فيما يرتبط بحرية التجمع والتظاهر السلمي لم يقع التدخل الأمني لفض المظاهرات إلا في 941 شكلا احتجاجيا من أصل 12.052 برسم الأشهر العشرة الأولى من سنة 2019؛ “غير أن المغيب في هذه المقاربة هو عدم الوقوف عند بعض المظاهر والتحولات المقلقة والمفارقة”، يقول التقرير.

وسجلت المؤسسة “اللجوء، من حين إلى آخر، إلى استعمال القوة غير المتناسبة خلال فك بعض الأشكال الاحتجاجية وإلى التوقيف وتحريك المتابعة القضائية بتهم تتعلق بالتظاهر غير المرخص”، وأيضا “عدم تعميم استثمار المهارات المهنية المكتسبة خلال التدريب وبرامج التكوين على جميع عناصر القوات العمومية، وما يرافق ذلك من توفير التجهيزات والمعدات الملائمة للتعاطي مع مختلف أشكال الاحتجاج والتظاهر في الفضاء العام، حيث نسجل التفاوت ما بين أشكال التدخل في تعاطي القوات العمومية مع الاحتجاجات”، ناهيك عن “محاصرة أنشطة الجمعيات ببعض القيود التعسفية يؤدي إلى الرفع من منسوب التوتر والاحتقان المؤدي إلى العنف والعنف المضاد، في سياقات يتراجع فيها التأطير والوساطة لدى الكثير من الأشكال الاحتجاجية”.

أما فيما يهم حرية الرأي والتعبير، تقول الوسيط إنه “رغم تكريس الدستور لحرية الرأي وحرية التعبير وتسييجهما بالضمانات اللازمة، واستجابة مدونة الصحافة والنشر للعديد من مطالب الحركة الحقوقية والمهنيين في مجال الصحافة وتعبيراتهم النقابية والمهنية، لا تزال الممارسة تكشف عن محدودية حماية الحق في حرية الرأي والتعبير”.

وتعتبر المؤسسة أن حرية ممارسة الشعائر الدينية من قبل مغاربة يعتنقون ديانات ومذاهب غير الإسلام وغير المذهب المالكي أو مغاربة لا دينية “ظلت مقيدة”.

وبالنظر إلى أن حرية المعتقد تقوم على أساس نبذ جميع أشكال العنف والتعصب والتمييز على أساس الدين والمعتقد أو باسمهما، فقد ارتأى الوسيط، في رصده ومناقشته لبعض مظاهر التحريض على العنف وإشاعة خطاب الكراهية، أن يتوقف عند ما تواتر من حالات سنة 2019.

على صعيد آخر، يقول التقرير إنه “لا تزال المساواة بين الجنسين ومختلف الحقوق الإنسانية للنساء بالمغرب تعهدا حكوميا بدون إعمال”، مشيرة إلى أنه بالرغم من تنصيص الدستور على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس وتكريسه لمبدأ المساواة بين الجنسين، والتزام المغرب بملاءمة القوانين مع الاتفاقية الدولية ذات الصلة، والتي يعد طرفا فيها، وكذا التزامه بإعمال أهداف خطة التنمية المستدامة 2030؛ “فإن المؤشرات المتعلقة بمدى ضمان العدالة الجندرية على مستوى القوانين والمساواة بين الجنسين في الحياة السياسة والاقتصادية لا تزال تحيل على استمرار التمييز المبني على النوع على مستوى القوانين والممارسة”.

وفيما يرتبط بالمؤسسات السجنية أشار التقرير إلى أن الطاقة الإيوائية الإجمالية للمؤسسات السجنية بالمغرب، وإلى حدود شتنبر 2019، تتحدد في 159.505 أمتار مربعة، ولتتحدد على ضوء ذلك المساحة المخصصة لكل نزيل في 1.86 مترا مربعا، على عكس المعـايير الأوروبية التي تفرض مساحة للعيش لا تقل عن أربعة أمتار مربعة لكل سجين.

وأكدت الوثيقة من جهة أخرى أن عدد موظفي المؤسسات السجنية سيظل يحتاج إلى تعزيز للحد من ضعف وهشاشة التأطير، حيث لا يتعدى المعدل الوطني موظف (1) لكل 11 سجينا، ويرتفع في بعض المؤسسات إلى موظف (1) لكل 40 سجينا نهارا، وموظف (1) لكل 300 سجين ليلا، بينما المعدل الدولي موظف (1) لكل 3 سجناء.

وبخصوص حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، يقول الوسيط إن المغرب عمل، منذ مصادقته على الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة والبرتوكول الملحق بها، من أجل حماية حقوق هذه الفئة على اتخاذ مجموعة من التدابير؛ أهمها اعتماده القانون الإطار 97.13، وإحداث آلية وطنية لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان خاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.

ويؤكد التقرير أنه “وبعد ست سنوات على صدور القانون الإطار في الجريدة الرسمية، لا تزال الحكومة تتباطأ في إخراج النصوص التنظيمية التي نص عليها القانون الإطار، مما أفرغه من حمولته وعطل مفعول كل مقتضياته، وضمنها إحداث اللجنة الوطنية التي يفترض أن يعهد إليها بتتبع تنفيذ مختلف الإستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة التي تعدها الحكومة، وإعداد تقرير سنوي”.

وتوضح الوثيقة، في مجال آخر، أنه بالرغم من جهود المغرب على مستوى حماية حقوق المهاجرين واللاجئين والنهوض بها، فإن إعمال التزاماته الطوعية المتعلقة بالاتفاقية ذات الصلة لا يزال يعرف الكثير من التحديات التي تنعكس سلبا على أوضاع المهاجرين واللاجئين بالمغرب.

hespress.com