لا تزال شكاوى الأطر التعليمية تتقاطر على وزارة التربية الوطنية؛ فأمام لجوء الأكاديميات إلى نظام التكليفات مجددا، ينتقل عدد كبير من أساتذة الابتدائي نحو أقسام الإعدادي والثانوي، تاركين حجرات الصغار لزملائهم في ظروف اشتغال صعبة.

ومنذ مدة طويلة، عمدت الوزارة الوصية على قطاع التعليم إلى الاشتغال بهذه الصيغة، لتدبير الخصاص القائم في بعض المستويات؛ غير أن هذه الصيغة تخلق مشاكل كبيرة للمتعلمين في القرى، وتفرض دمج الأقسام وتكديس التلاميذ داخل حجرات يتولى زمامها أستاذ واحد.

ويفضل الأساتذة، بدورهم، خيار التكليفات من أجل الهروب صوب الحواضر، عوض البقاء في بعض المدارس التي توجد في مناطق بدوية أو جبلية وعرة؛ لكن هذا في المقابل يكرس عزلة التلاميذ الصغار، الذين مروا من موسم الجائحة.

وتشهد مختلف المديريات الإقليمية التابعة لوزارة التربية الوطنية بعموم أرجاء المغرب اشتغالا بالطريقة نفسها؛ وهو ما جعل مطالب تعزيز منظومة التخطيط التربوي، فضلا عن زيادة مناصب الشغل في القطاع، أولوية ملحة، على مستوى المطالب النقابية، بداية كل موسم دراسي.

ويقول عبد الوهاب السحيمي، فاعل تربوي منسق احتجاجات الأساتذة حملة الشواهد، إن ظاهرة تكليف الأساتذة خارج الإطار الأصلي عملية تجرى بداية كل موسم دراسي في جميع المديريات الإقليمية في المغرب.

وأرجع السحيمي، في تصريح لهسبريس، سبب هذه العملية إلى الخصاص الكبير في الأطر التربوية في جميع الأسلاك، وكذلك غياب تخطيط قبلي يتم من خلاله تحديد حاجيات كل سلك تعليمي من الأطر التربوية وكذلك الإدارية.

والغريب، حسب المتحدث، هو أنه على الرغم من أن الخصاص حاصل وبقوة، بدليل هذه التكليفات التي يتم بموجبها نقل الآلاف من أساتذة الابتدائي والإعدادي إلى التدريس بالثانوي التأهيلي، لا يتردد وزير التربية الوطنية في نفي هذا الخصاص وإنكاره.

وأشار السحيمي إلى أن “جميع المديريات أصدرت مذكرات تم بموجبها تكليف آلاف أساتذة الابتدائي والإعدادي بالثانوي التأهيلي، والوزير يقول: لا خصاص لديه في الثانوي! فمن نصدق إذن؟ الوزير الذي يطلق الكلام؟ أم المديريات الإقليمية التي تدبر هذا الواقع؟”.

وأضاف السحيمي أن هذه التكليفات تكون بناء على شهادة الإجازة، وفي جو لا يخلو من الزبونية والمحسوبية؛ وهو ما يناضل ضده الأساتذة حاملو الشهادات منذ 2016، وزاد: يحملون جميعهم شهادة الماستر فما فوق يطالبون بتغيير إطارهم.

ومضى السحيمي شارحا: “عملية التكليفات، التي تجرى اليوم على مستوى المديريات الإقليمية، لا يمكن أن تساهم في تنزيل أي إصلاح؛ فكيف لذلك الأستاذ المُكَلَّف أن يشتغل ويعطي وهو يعرف أنه فقط مُكَلَّف لوقت محدد لن يتجاوز سنة وسيعود إلى إطاره الأصلي؟”..

hespress.com