بعد تكليف وزارة الصحة مؤسسات الرعاية الصحية الأولية (المراكز الصحية) بإجراء اختبارات كشْف فيروس كورونا السريعة، في إطار تخفيف الضغط عن المستشفيات الكبيرة والمراكز الاستشفائية الجامعية التي تعتني بالمصابين بالفيروس، يتساءل الفاعلون في القطاع الصحي حول مدى جاهزية هذه المراكز للقيام بالمهمة الجديدة الموكولة إليها في ظل محدودية مواردها البشرية.

من جهة ثانية، ثمة مخاوف أن يؤدي انخراط المراكز الصحية في توفير العناية الطبية للمصابين بفيروس كورونا إلى “الإجهاز” على حق استفادة فئة واسعة من المواطنين من الرعاية الطبية المتعلقة بالأمراض العادية، ذلك أن مؤسسات الرعاية الصحية الأولية هي التي تتكلف بتتبع المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، وصحة الأم والطفل، والصحة الإنجابية، وتلقيح الأطفال وغيرها…

أولى الإشكالات التي سيطرحها قرار تكليف المراكز الصحية بإجراء الاختبارات السريعة لكشف كورونا، لأوّل مرة منذ انتشار الجائحة في المغرب، تتمثل في كون 90 في المئة من الأطر الصحية العاملة في هذه المراكز تعمل بدوام يومي من الساعة الثامنة والنصف إلى الساعة الرابعة والنصف، ما يعني أن تكليفها بتحاليل كشف “كوفيد-19” سيرهقها.

وقال حمزة الإبراهيمي، مسؤول الإعلام والتواصل بالنقابة الوطنية للصحة العمومية، إن النسبة الأكبر من الأطباء والممرضين العاملين في المراكز الصحية تزيد أعمارهم على خمسين عاما، ويصعب أن يتحمّلوا الإرهاق الذي سينجم عن تكليفهم باستقبال المواطنين المشكوك في إصابتهم بفيروس كورونا لإخضاعهم للاختبارات السريعة.

من جهة أخرى، يطرح الإجراء الجديد الذي اتخذته وزارة الصحة وعمّمته على المديرين الجهويين للصحة أمس الخميس، إشكال مدى قدرة الأطر الصحية بمؤسسات الرعاية الصحية على ضمان الخدمات المقدمة للمواطنين الذين يعانون من أمراض مزمنة، أو النساء الحوامل، موازاة مع اعتنائهم بالمرضى أو المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا المستجد.

في هذا الإطار، قال حمزة الإبراهيمي، في تصريح لهسبريس، إن العناية التي أوْلتْها السلطات الصحية لمرضى فيروس كورونا خلال الشهور الأخيرة واكبها إهمالٌ في الخدمات الصحية المقدمة للمصابين بأمراض أخرى في المستشفيات الكبيرة، وتراكم بشكل كبير عدد العمليات الجراحية والفحوصات الطبية المؤجّلة.

وتوقع المتحدث أن تتأزّم وضعية المرضى أكثر بعد تكليف المراكز الصحية بإجراءات اختبارات كشف فيروس كورونا، في ظل النقص الحاصل أصلا على مستوى الموارد البشرية العاملة فيها، وأردف قائلا: “هذا القرار الجديد قرار آني، وليس قرارا استراتيجيا مقعّدا”.

وتابع متسائلا: “كل ممرض سيكون مكلفا بتتبع عدد من المصابين بفيروس كورونا، فكيف سيتسنى له أن يتوفق في أداء هذه المهمة مع مهمته الأصلية المتمثلة في تقديم الرعاية الطبية للمرضى من ذوي الأمراض المزمنة أو النساء الحوامل أو حتى التلقيح”، لافتا إلى أن وزارة الصحة كان عليها أن تستشير مع الفاعلين في الميدان الصحي قبل اتخاذ قرار تكليف المراكز الصحية بإجراء الاختبارات السريعة لكشف فيروس كورونا.

hespress.com