الثلاثاء 23 يونيو 2020 – 05:35
أكد المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان أن الإجراءات الاحترازية المفروضة منذ شهور لم يتم احترامها بمعامل الفراولة، موردا أن مبدأ التباعد الاجتماعي تم ضربه عرض الحائط، كما أن حافلات نقل العاملات تفوق طاقتها الاستيعابية في أغلب الأحيان، وأغلب العاملات لم يكن يرتدين الكمامات، كما أن عمليات التعقيم والنظافة داخل المعامل لم تكن تجري حسب المعايير، “بل إن بعض عمليات التعقيم كانت مجرد محاولة وهمية لإيهام السلطات بوجود عملية تعقيم”.
وشدد المركز في بلاغ له، توصلت به هسبريس، على أن مجهودات كبيرة بذلت ولا يمكن تبخيسها أو إنكارها من لدن العديد من المسؤولين المحليين، من سلطات محلية وإقليمية ومن قوات إنفاذ القانون، “إلا أن بعض معامل تجميع الفراولة، التي تعود ملكيتها لشخصيات أو لوبيات نافذة، لعبت دورا كبيرا في معاكسة القانون وعدم الامتثال له، أسوة بباقي المناطق الصناعية، ما أعاق فعالية أداء المؤسسات المكلفة”.
واعتبر التنظيم الحقوقي أن “هذه الممارسات التي يبقى المركز المغربي لحقوق الإنسان شاهدا عليها قد أجهضت كل المجهودات والمساعي الحثيثة للتصدي لجائحة كورونا، بسبب إصرار بعض النافذين على تفضيل حماية مكاسبهم المادية على حساب صحة المواطنين وسلامة الوطن، في ظل وباء عالمي لم يستثن أي بقعة في العالم، وأدى إلى إزهاق مئات الآلاف من الأرواح عالميا”.
وندد المركز المغربي لحقوق الإنسان بشدة بإقدام أحد معامل تجميع الفراولة على طرد زوجة أحد أعضاء فرع المركز الحقوقي بالشوافع من العمل، وحرمانها من مستحقاتها، بدعوى أنها قامت بتسريب صور توثق طريقة عمل عاملات الفراولة داخل ذلك المعامل، “والتي ليست سوى محاولة للانتقام من الناشط الحقوقي المذكور، علما أن المركز المغربي لحقوق الإنسان قام بدوره التنبيهي في حينه أمام الجهات المختصة، إزاء وضعية عاملات ذلك المعمل، الذي سجل النسبة الأكبر من الإصابات بفيروس كورونا”.
وأورد التنظيم أن بعض معامل تجميع الفراولة، رغم أن أغلبها خاضع لنظام التعاونيات، تعيش على إيقاع اختلالات كبيرة، جعلتها عديمة الأثر الإيجابي على واقع تلك المنطقة من الناحية التنموية والاجتماعية، “إذ إن مالكيها حققوا أرباحا خيالية، أغلبها يتم التعتيم عليها”، وزاد: “إذا كانت غالبية العاملات والعمال بتلك المعامل غير مسجلين في سجلات الضمان الاجتماعي، فإن العديد من الفلاحين الصغار، مزودي تلك المعامل بمنتح الفراولة، ثم الزج بهم في السجون وفي متابعات قضائية بسبب عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية إزاء تلك المعامل، بعدما قامت الأخيرة بمسك شيكات على بياض، نظير بيع الفلاحين الشتائل ومواد أخرى بأثمان باهظة، في مقابل التلاعب بأثمان اقتناء الفراولة منهم، وكذا التلاعب في الكميات المسلمة، دون أن يستطيع هؤلاء الفلاحون البسطاء الدفاع عن أنفسهم، والكثير منهم أصيب بعاهات وأزمات نفسية دمرت حياتهم ومستقبلهم”.
وأضاف البلاغ :”إن بعض الزيارات التفتيشية، التي تقوم بها مؤسسات مراقبة العمل، لا تسمح بالاطلاع على الواقع الحقيقي لتلك المعامل، نظرا لسياسات التعتيم والتمويه المتبعة. وفي ظل غياب إرادة حقيقية لمعرفة ما يجري فإن الأوضاع تبدو مستمرة، رغم ما تنطوي عليه من مآسي ومعاناة مزمنة ومسترسلة في صفوف العاملات والعمال، الذين يعدون بالآلاف، ومعرضون لشتى المخاطر أثناء مزاولتهم أعمالهم”.
وحمّل المركز المغربي لحقوق الإنسان المسؤولية المباشرة لوزارة الفلاحة والصيد البحري ووزارة الداخلية، “لكون شخصيات نافذة ولوبيات متحكمة في بعض معامل الفراولة تحاول الاستقواء بالإدارات المركزية على مستوى الوزارتين، على حساب المؤسسات المحلية والإقليمية دون وجه حق، ولتفادي الامتثال للقانون، بل ومناهضتها لمبدأ المساواة أمامه”.
كما حمل البلاغ وزير التشغيل المسؤولية بسبب ضعف أداء مندوبيته على المستوى الإقليمي بالقنيطرة، “حيث رغم تقدم العديد من العاملات بشكايات بسبب مظاهر التعسف التي يتعرضن لها، فإنهن لا يحظين بالمساندة اللازمة من قبل هذه المؤسسة، ما أفقد عاملات وعمال معامل تجميع الفراولة الثقة فيها، وكذا مندوبية الصحة، لتقاعسها في أداء واجبها إزاء الصرخات التي كانت تصلها من لدنهم”؛ كما يحمل وزير الداخلية المسؤولية بالنظر إلى “المسؤولية الملقاة على عاتقه إزاء تغول بعض اللوبيات على أداء السلطات المحلية والإقليمية”..
وطالب المركز المغربي لحقوق الإنسان بضرورة التحقيق في وضعية معامل تجميع الفراولة، والوقوف على الاختلالات التي تشوب طريقة تدبيرها مواردها وحقوق شغيلة القطاع، ومراقبة مدى احترامها للقانون وشفافية عملياتها المالية، والعمل على تصحيح الوضع، حتى لا تتفاقم الأمور أكثر.