الخميس 01 أكتوبر 2020 – 08:20
انتشرت مجموعة من الأشرطة المرئية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأسبوع الأخير، توثّق بعض الأفعال الجرمية المرتكبة في العاصمة الاقتصادية للمملكة، لا سيما ظاهرة السطو بواسطة الأسلحة البيضاء، ما دفع كثيرين إلى دق ناقوس الخطر بشأن ارتفاع منسوب الجريمة التي تجتاح الأحياء الشعبية.
وأثير جدل كبير في المنصات الإخبارية الافتراضية بخصوص شريط فيديو يظهر فيه أحد عناصر الشرطة يستخدم سلاحه الوظيفي من أجل توقيف شخص كان يهدد سلامة المواطنين بواسطة سيف، لكن أفراد عائلته تدخلوا قصد ثنْي العنصر الأمني عن توقيف ابنهم الذي كان في حالة اندفاع قوية.
وسلّطت الواقعة الضوء من جديد على منظومة القيم السائدة في الدار البيضاء بفعل “تطبيع” السكان مع الظواهر الإجرامية و”تساهل” الأسر مع تلك السلوكات المجتمعية، في ظل “سيطرة” الأعراف والتقاليد على “المجتمع البيضاوي”، مقابل “ضعف” الالتزام بالقوانين المنظمة للحياة المدنية.
وفي هذا الصدد، قال كريم عايش، عضو مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن “مدينة الدار البيضاء حاضرة كبيرة وشاسعة، فقدت جمالها العمراني وتناسق مكوناتها الجغرافية بسبب غياب أي استراتيجية عمرانية للتهيئة والتعمير، وانفتاحها على الهجرة القروية كمستقطب لليد العاملة ومختلف الأنشطة التجارية والاجتماعية”.
وأضاف عايش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الدارسين لتاريخ الدار البيضاء أو أنفا يعرفون ارتباطها الكبير بقبائل المنطقة وكيفية توسعها؛ فمع بروز الجيلين الثالث والرابع في المدينة، صار تدبير الحياة العامة أمرا غاية في الصعوبة، بسبب تفشي البطالة والمخدرات والفقر”.
وأوضح الباحث في علم الاجتماع أن “عمال وأجراء أمس أنجبوا جيلا يعاني الهشاشة والفقر، يغذيه ارتفاع الأسعار والفوارق بين الأغنياء والفقراء، إضافة إلى تراجع دور الثقافة والأنشطة الرياضة نتيجة تقهقر السياسة الرياضية والثقافية بالمغرب، وغرقها في الفساد والريع والمحسوبية”.
ولفت المتحدث إلى أن “دور الشباب والمركبات السوسيو-ثقافية لم تعد تملأ الفراغ، وانقرضت البطولات الوطنية للهواة في مختلف الميادين، وتلاشى معها التشجيع والافتخار وتعظيم الأبطال حتى يكون لهم وزن معنوي داخل المجتمع، ما جعل الشارع يتحول إلى ساحة يزدحم فيها من يبحث على ثمن سيجارة، أو قطعة مخدرات، أو من يريد سد رمق أفواه جائعة أو متطلبات أسرية”.
وتابع شارحا: “كل ذلك، جعل المشرْمْلينْ كتلة جديدة تفرض نفسها كوسيلة غير قانونية تواجه السلطة والمجتمع، بل وتفرض شروطها، من هلع وترويع وخوف، وهو ما يجب مواجهته بمقاربتين؛ أولهما التعجيل بالإجراءات الرادعة الحازمة، وذلك بتشديد العقوبات الزجرية، وثانيهما يتجسد في مواكبة إصلاحية، عبر تقديم مهارات تعليمية وحرفية ودروس تقويم سلوكي وتربوي، ما من شأنه تحويل الجيل الضائع إلى قوة منتجة ومفيدة”.