على الرّغم من تأثيرات جائحة “كورونا” على القدرة الشّرائية للمواطنين التي تراجعت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، إلا أنّ المغاربة يصرّون على الاحتفاظ بنفس النّمط الاستهلاكي المعتادِ خلال شهر رمضان، أو يتمّ تجاوزه في بعض الأحيان، بسبب “ثقافة” مجتمعية مرسّخة تُجيز تبذير المواد الغذائية خلال شهر الصّيام.

وقبل الإفطار بساعات، تغص المحال التجارية والأسواق الشّعبية بالمواطنين، من أجل اقتناء مستلزمات “الفطور”، حيث يكثر الإقبال على مواد الخبز والمعجّنات والحلويات والأسماك، وهو ما يعكس استمرار النمط الاستهلاكي المرتفع للمغاربة خلال شهر رمضان، رغم الأضرار الاقتصادية التي خلفتها الجائحة.

وتراجع استهلاك الأسر المغربية بشكل ملحوظ خلال الرّبع الأول من السنة الحالية، بناقص 10 في المائة، مقارنة بالسنة الماضية، وفقا للمندوبية السامية للتخطيط؛ لكن ذلك لم يمنع المغاربة من البحث عن طرق أخرى لتجاوز هذا الانكماش من خلال طلب القروض والبحث عن موارد أخرى.

وهو يتوسّط مجموعة من الزبائن في حي سيدي موسى الشّعبي بمدينة سلا، يؤكّد صاحب محلّ للمواد الغذائية أنّ “الإقبال على السّلع والمنتجات ازداد خلال شهر رمضان مقارنة بباقي الشّهور الأخرى”، موردا: “الدعوة ماشية مزيان وكلشي كايبيع ويشري، ما خصنا حتا خير”.

ويؤكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، أنّ “الأسواق مكتظة بالمغاربة الذين يبحثون عن مواد غذائية ذات جودة عالية خلال شهر الصّيام”، مبرزا أن “تبذير المواد الغذائية يصل إلى مستويات قياسية خلال شهر رمضان، وهذا يبينه حجم مخلّفات الطعام التي يتمّ إفسادها كلّ يوم”.

وأبرز الخراطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “جائحة كورونا لم تؤثّر على نمط استهلاك المغاربة خلال شهر الصّوم، بل أدّى الحجر الصّحي والإغلاق إلى تزايد حاجياتهم من الطّعام”، لافتا الانتباه إلى أن “الخطير في الحجر الصّحي أنه سيؤدي إلى ظهور انعكاسات صحية مرتبطة بالخمول والكسل”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “الحجر الصّحي عطّل حركية المواطنين، فبدل الخروج إلى البحر أو الشّارع أو المسجد بعد تناول وجبة الإفطار، يضطرّ المغاربة إلى البقاء في المنازل والاستمرار في البحث عن موارد للاستهلاك”، مبرزا أن “القدرة الشّرائية للمواطنين تظلّ ضعيفة، لكن ذلك لا يؤدي إلى المساس بالنمط الاستهلاكي الرّمضاني”.

كما قال الخراطي إن “المغاربة يلجؤون إلى القروض من أجل قضاء شهر رمضان دون أن يتضرّر النمط الاستهلاكي الخاص بهم”، مبرزا أن “مؤسسات الاقتراض في تزايد مستمر بسبب وجود مثل هذه الطلبيات الظرفية والموسمية”.

hespress.com