الاثنين 10 غشت 2020 – 12:00
منذ سنوات طويلة تعاني المنظومة الصحية العمومية في المغرب من خصاص حاد على مستوى الأطر الطبية والتمريضية، ما يؤثر سلبا على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين، لكنّ الحكومة لم تتمكن، إلى حد الآن، من تدارك هذا الخصاص الذي يتحمّل الأطباء والممرضون ضريبته بالعمل في ظروف غير ملائمة تتسم بالضغط والإرهاق المستمريْن.
وعرّت جائحة كورونا واقع الخصاص الكبير في الأطر الصحية، وهو ما تجلى في شكاوى الأطقم الطبية والتمريضية من الإرهاق، وإقدام وزارة الصحة على تعليق رخصهم السنوية ومطالبة المستفيدين منهم من العطلة بالالتحاق بعملهم. غير أن هذا الخصاص ليس وليد اليوم، “بل كان دائما ضمن أولويات مطالبنا، ولكن لا حياة لمن تنادي”، يعلق بوجمعة لهلالي، الكاتب الإقليمي النقابة الوطنية للصحة العمومية بطنجة.
ومنذ ظهور جائحة فيروس كورونا كان المغاربة يأملون أن تبادر الحكومة إلى ضخّ أموال إضافية في ميزانية وزارة الصحة لتحسين وضعية المنظومة الصحية وتوفير مناصب مالية جديدة، غير أن الفرق البرلمانية لم تواكب هذا الطموح أثناء التصويت على قانون المالية لسنة 2020 في صيغته الأولى، إذ لم تصوّت لصالح الرفع من ميزانية الوزارة.
وتمثل الميزانية المخصصة لوزارة الصحة برسم السنة الجارية، بقيمة 18.67 مليار درهم، 7.27 في المائة من الميزانية العامة؛ بينما المعدل العالمي المحدد من طرف منظمة الصحة العالمية هو 10 في المائة. ويتضّمن مخطط الصحة 2025 مجموعة من الأهداف، منها المتعلقة بتعزيز المستشفيات العمومية بالأطر الصحية، وذلك بتعبئة 4000 منصب مالي خلال ثلاث سنوات متتالية.
وإذا كانت المنظومة الصحية المغربية في عمومها تعاني من خصاص كبير في الأطر الصحية فإن بعض الجهات والأقاليم تعاني من خصاص بشكل أكثر حدة، ففي طنجة، التي سجّلت ارتفاعا قياسيا في أعداد المصابين بفيروس كورونا بعد الرفع الجزئي للحجر الصحي، يصل التوزيع السكاني حسب عدد الممرضين إلى 1700 نسمة لكل ممرض، في حين أن المعدل الوطني هو 1120 نسمة لكل ممرض، حسب معطيات قدمها التنسيق النقابي لقطاع الصحة بإقليم طنجة أصيلة في بيان أمس السبت.
وقال بوجمعة لهلالي، في تصريح لهسبريس، إن مشكل قلّة الأطر الصحية العاملة في المستشفيات العمومية يتفاقم كل سنة بسبب بلوغ الأطر الصحية العاملة السنَّ القانونية للإحالة على التقاعد، وعدم توظيف عدد كاف لتعويضهم وتغطية الطلب المتزايد.
وفي وقت يتزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا في المغرب بشكل غير مسبوق، خاصة في بعض الأقاليم، قال بوجمعة لهلالي إن وزارة الصحة لجأت إلى الاستعانة بالمساعدين في تقديم العلاجات لسد الخصاص الكبير في هيئة التمريض بطنجة، مشيرا إلى أن هؤلاء “لديهم تكوين بسيط فقط، ولا يتوفرون على الأهلية ولا حتى التجربة في التعامل مع حالات العناية المركّزة”.
وثمّة مفارقة تسم ملف النقص الحاد في الأطر الصحية بالمستشفيات العمومية، خاصة الممرضين، تتمثل في وجود مئات من خريجي معاهد التمريض في حالة عطالة؛ بينما برَز إشكال جديد خلال السنوات الأخيرة، يتمثل في عزوف الأطر الصحية، خاصة الأطباء، عن الإقبال على مباريات التوظيف، بعد أن أصبح خريجو كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان يفضلون العمل في القطاع الخاص.
وأوضح بوجمعة لهلالي أن الخصاص الحاد في الأطر الصحية هو السبب الذي حذا بوزير الصحية إلى حرمان الأطباء والممرضين وغيرهم من العاملين في القطاع من عطلتهم السنوية هذا الصيف، مضيفا: “جميع العاملين في المستشفيات العمومية يشتكون من التعب وقلة الراحة، في غياب أي تحفيز”.