انتقد محمد المسكي، أستاذ بجامعة ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، ندرة الأبحاث المتعلقة بالقيادة التربوية في المغرب، مبرزا أن تكوين قادة تربويين قادرين على قيادة قاطرة إصلاح المنظومة التعليمية لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن البحث العلمي.
واعتبر المتحدث ذاته، في ندوة رقمية نظمتها جمعية أماكن لتحسين جودة التعليم، أن بناء تطوير القيادة التربوية يقتضي التوفر على قاعدة علمية قوية في هذا المجال، واصفا ندرة المقالات العلمية المكتوبة حول هذا الموضوع بـ”المسألة الغريبة”.
وشدد المسكي على حتمية تكوين القادة التربويين من أجل إصلاح منظومة التربية والتكوين، موضحا أن القائد التربوي ينبغي أن يحصل على الدعم الكامل لبناء قدراته وقدرات أعضاء الفريق العامل معه، من أطر إدارية وتربوية.
وزاد قائلا: “نجاح القائد التربوي في مهامه لا يقاس بحجم إنجازاته فقط، بل أيضا بقدرته على صناعة قادة جدد؛ لأنه لا يمكن لقائد تربوي أن يعمل بشكل أحادي، بل عليه أن يستثمر في المَلكات القيادية لزميلاته وزملائه”.
وخلص الأستاذ الجامعي بجامعة أريزونا، انطلاقا من بحث ميداني أنجزه في المغرب على عيّنة من مديري المؤسسات التعليمية الإعدادية، إلى أن المديرين الذين كانت لديهم قدرات عالية في تدبير مؤسساتهم كانوا ناجحين أيضا في مجال تقوية الشراكة بين مؤسساتهم والمجتمع المحلي.
وأكد المتحدث ذاته أن القيادة التربوية تكتسي أهمية بالغة في إصلاح المنظومة التعليمية، مشيرا إلى أن القائد التربوي ينبغي أن تكون لديه قدرة على تحديد التوجهات الإستراتيجية لعمله، وأن تكون لديه القدرة على التواصل الفعّال لإقناع شركائه بأهمية الرؤية التي وضعها والأهداف المتوخاة منها، من أجل إقناعهم بالانخراط فيها.
من جهة ثانية، دعا المسكي إلى عدم إسقاط ضعف المنظومة التربوية على ضعف الإرادة السياسية، قائلا: “الأمور ليست بهذا التبسيط”، وتابع: “لا بد من توفير إمكانيات بشرية ومادية وقيادةٍ لتتبع المشاريع، ليس بعقلية عقابية، بل بعقلية تعلُّمية من أجل الاستفادة المحتمل أن تقع وتفادي تكرارها مستقبلا”.
وفي الوقت الذي لم تُثمر مخططات إصلاح منظومة التربية في المغرب النتائج المتوخاة منها إلى حد الآن، اعتبر المسكي أن خطط الإصلاح في جميع بلدان العالم “لا تُنزّل بحذافيرها، بل هي تصوّر لما يمكن تحقيقه”، مؤكدا على ضرورة توفير إمكانيات للقيادة التربوية من أجل القيام بمهامها في إدارة المؤسسات التعليمية.
وبخصوص ما تتطلبه المدرسة الحديثة، قال الأستاذ بجامعة ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، خلال مداخلته في الندوة العلمية سالفة الذكر، إن من مميزات مدرسة الغد أن تجعل المتعلمين متمكنين من مهارات القرن الحادي والعشرين، ليس فقط على مستوى امتلاك قدرات القراءة والكتابة والكفايات العلمية والثقافية والتكنولوجيا، بل أيضا تملكهم للحس النقدي والقدرة على التواصل، ودعم مَلَكة التساؤل والفضول العلمي.