مع مَقدم كل فصل صيف، تتزايد شكاوى المواطنين المغاربة من ارتفاع فواتير الماء والكهرباء، لكنّ اللافت هو أن المدن التي تتولّى فيها شركات التدبير المفوّض تزويد المواطنين بهاتين المادتين، ترتفع فيها الفواتير بشكل كبير، مقارنة مع الأسعار التي يطبقها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.

وعلى الرغم من أن أسعار الماء والكهرباء حددها القانون المغربي، حسب الأشطر التي يتم استهلاكها من طرف المستهلك، إلا أن عددا من المواطنين يفاجؤون بفواتير ضخمة لا تناسب حجم استهلاكهم، رغم دأبهم على أداء مبلغ معيّن، دون أن يعرفوا السبب الذي يجعل الفاتورة ترتفع بشكل مفاجئ.

المواطنون المتضررون يوجهون أصابع الاتهام إلى شركات التدبير المفوض بتطبيق أسعار غير قانونية. سمير أصبح مقتنعا بهذا الأمر، ويستدلّ، لتأكيده، بما لامسه خلال تنقله بين مدن تتولى فيها شركات التدبير المفوض تدبير قطاع الماء والكهرباء، وبين مدن أخرى يتولى فيها المكتب الوطني للماء والكهرباء هذه المهمة.

ويؤكد أن في المدن التي لا يوجد فيها تدبير مفوض لا تتعدى فاتورة الماء والكهرباء التي يؤديها، في أقصى الحالات، 100 درهم، بينما في المدن التي فوضت مجالُسها الجماعية خدمة التزويد بالماء والكهرباء لشركات التدبير المفوض يؤدي فاتورة مرتفعة، لا تنزل عن 300 درهم، رغم أن استهلاكه أقلّ.

القناعة السائدة لدى عدد من المواطنين بأن شركات التدبير المفوض تبيع الماء والكهرباء للمستهلكين بأسعار مرتفعة جدا، سبق أن أكدها علي الفاسي الفهري، الرئيس المدير العام السابق للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE)، حين فضح هذه الشركات وقال في مجلس النواب سنة 2017 إن التعريفة المطبقة في المدن التي تتولى الشركات تدبيرَها ترتفع بوتيرة كبيرة جدا.

ووفق المعطيات التي قدمها الرئيس المدير العام السابق لـ “ONEE”، فإن تعريفة الكهرباء في المدن التي تدبرها شركات التدبير المفوض تزيد بـ30 في المئة عن تعريفة المكتب الوطني للكهرماء، وترتفع هذه الزيادة بالنسبة للماء الصالح للشرب بنسبة 100 في المئة، حيث تشتريه بعض الشركات بـ3 دراهم للمتر المكعب، وتبيعه بـ6 دراهم للمستهلك، مستدلا بمدينة الدار البيضاء كنموذج.

وبما أن أسعار الماء والكهرباء محددة قانونيا، ولا يمكن بيعها للمستهلك بغير ثمنها القانوني، فإن ثمّة ثغرة قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، إن شركات التدبير المفوض قد تستغلها لتضخيم الفواتير، وهو عدم مراقبة جودة العدادات من طرف السلطات المعنية.

وأوضح الخراطي، في تصريح لهسبريس، أن عدم جودة العدّاد تؤدّي إلى احتساب أشطُر غير تلك التي استهلكها الزبون، مشيرا إلى أن “لوبي شركات التدبير المفوض لا يسمح لمصالح وزارة التجارة والصناعة بمراقبة العدادات، رغم أن هناك مرسوما ينظم هذه العملية، لكنه لا يطبَّق بتاتا”.

ثمة عامل آخر يساهم في ارتفاع فاتورة استهلاك الماء والكهرباء، يتمثل في عدم مراقبة العدادات من طرف أعوان شركات التدبير المفوض نفسها بشكل دقيق، ما يجعلها تقيّم الاستهلاك بناء على “تقديرات”، رغم أن هذه العملية غير قانونية، يؤكد الخراطي.

وكانت شركات التدبير المفوض المكلفة بالماء والكهرباء قد استنفرت أعوانها لمراقبة العدادات بعد اندلاع احتجاجات ضخمة على غلاء فواتير الماء والكهرباء بمدينة طنجة، حيث كانت هذه الشركات تحرص على إلصاق ورقة صغيرة على العداد تؤكد تاريخ إخضاعه للمراقبة، لكن هذه العملية سرعان ما شابها التراخي.

وذهب بوعزة الخراطي إلى القول إن طريقة استخلاص فواتير الماء والكهرباء من المواطنين المغاربة “غير ديمقراطية، لأنها تخدُم شركات التدبير المفوض وليست في مصلحة المستهلك”، مضيفا أن “الأوان قد آن لإحداث هيئة وطنية لمراقبة الاستهلاك، من أجل القضاء على هذه الفوضى العارمة”.

hespress.com