يسود احتقان شديد وسط العديد من قضاة المملكة، خصوصا المنتمين إلى صفوف “نادي قضاة المغرب”، عقب استدعاء زملاء لهم للمثول أمام مقرر المجلس الأعلى للسلطة القضائية بسبب تدوينات سابقة لهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتوصل كل من الكاتب العام للنادي عبد الرزاق الجباري، قاضي التحقيق بابتدائية القنيطرة، وعفيف البقالي، رئيس المكتب الجهوي بالعيون، وعضو النادي فتح الله الحمداني، باستدعاء للمثول أمام المقرر في الأيام المقبلة، بعد عامين من استدعائهم والاستماع إليهم من طرف المفتشية العامة.

وينتظر أن يمثل الكاتب العام للنادي أمام المقرر في الخامس من غشت المقبل، بضعة أيام بعد عيد الأضحى، للاستماع إليه في المنسوب إليه فيما يتعلق بالإخلال بواجب التحفظ عقب نشره تدوينات فيسبوكية، على أن يعقبه بعد ذلك الاستماع إلى القاضيين الآخرين في وقت لاحق.

وخلف هذا الاستدعاء موجة غضب عارمة في صفوف القضاة المنضوين تحت لواء نادي قضاة المغرب، الذين اعتبروا ذلك تضييقا على حرية التعبير التي يكفلها لهم دستور المملكة، خصوصا الفصل 111 منه.

وعبر عديد من القضاة عن استيائهم من هذا القرار، مؤكدين أن ما تم نشره من تدوينات في وقت سابق من طرف زملائهم ليس فيه أي إخلال بواجب التحفظ الملزم به القضاة.

واستغرب بعض القضاة المسار الذي عرفه ملف تأديب هؤلاء، ذلك أن التدوينات التي كانت وراء جرهم إلى المساءلة كتبت في شهر يونيو من سنة 2018، واستمع إليهم من قبل المفتش العام للشؤون القضائية في شهر شتنبر من السنة نفسها، وظل الملف جامدا لمدة أكثر من عشرة أشهر قبل أن يتفاجؤوا بتعيين مقرر، هو الوكيل العام باستئنافية الجديدة، في حقهم في شهر يونيو من سنة 2019، ليتم استدعاؤهم بعد سنة وشهر، ما اعتبروه أمرا غريبا في معالجة هذا الموضوع.

وخرج عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب، ليؤكد الاستدعاء الذي توصل به القضاة المعنيون، وذلك بمناسبة ما أسماه “ممارسة حقهم في التعبير وانتماءهم الجمعوي”.

وقال الشنتوف في إخبار موجه إلى أعضاء النادي إن هذا الأخير “سوف يقوم لاحقا بالاجتماع واتخاذ الموقف المناسب دفاعا عن حرية تعبير القضاة وحرية الانتماء الجمعوي المكرسة دستورا وقانونا”.

وعبر القضاة عن غضبهم من هذا الإجراء المتخذ في حق زملائهم بسبب تدوينات انتقدت إحداها تأخر إدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية في القيام بإجراء تقني يتمثل في نشر أشغال المؤسسة، وأخرى انتقدت الإجراءات البروتوكولية التي لم تول، بحسب صاحبها، مؤسسة الرئيس المنتدب للسلطة القضائية وأعضاءها المكانة المناسبة خلال حفل تعيين قضاة الفوج 41، وتدوينة عبارة عن خاطرة حول مجتمع القضاة وما يعرفه من مفارقات.

ويؤكد القضاة حقهم في التعبير المكفول دستوريا في الفصل 111، الذي ينص على أن “للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية. يمكن للقضاة الانتماء إلى جمعيات، أو إنشاء جمعيات مهنية، مع احترام واجبات التجرد واستقلال القضاء، وطبقا للشروط المنصوص عليها في القانون”.

hespress.com