الثلاثاء 21 يوليوز 2020 – 03:03
مع استمرار الوضع الصحي المرتبط بجائحة “كوفيد-19″، تدعو جمعيات مدنية إلى “إنشاء آليات تشريعية عاجلة للتعامل مع العوائق القانونية التي تؤثر على الوصول إلى الأدوية المضادة” لها، في مذكّرة وجّهتها إلى المجموعات البرلمانية.
وتسجّل هذه المذكّرة الموجّهة إلى مجلسَي النّوّاب والمستشارين أن التجاوب مع مضامينها يعني “منح الاستجابة الوطنية لـ”كوفيد 19″، والأوبئة الأخرى، أدوات قانونية رئيسية، لتسريع الوصول إلى منتجات صحية أساسية، ميسورة التكلفة وكافية”.
ووقّعت هذه المذكّرة جمعيات وهيئات مدنية من قبيل: الائتلاف العالمي للتّحضير للعلاج – الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية محاربة السيدا، ومنتدى بدائل المغرب، ومنظمة حريات الإعلام والتعبير – حاتم، والمرصد المغربي للحريات العامّة، ومعهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان.
وتنادي الهيئات المدنية بـ”تعديل مواد القانون رقم 31-23 المعدل والمكمل للقانون -9717 المتعلق بمنح وإجراءات التراخيص الإجبارية وتراخيص الاستخدام الحكومي”، عبر “تبسيط إجراءات منح ‘تراخيص الاستخدام الحكومي’ من خلال منح وزارة الصحة المزيد من السلطات”، حتى تكون “قادرة على إصدار هذه التراخيص، خاصة في حالات الطوارئ”.
ودعت الجمعيات المدنية إلى توسيع أسس منح “التراخيص الإجبارية”، التي صارت مقيدة إلى غاية اليوم، مقارنة باتفاق “تريبس”، مع مراعاة منح وزارة الصحة مزيدًا من السلطة.
كما تنادي هذه المذكّرة الموجّهة إلى البرلمان بغرفتيه إلى “إنشاء لجنة وطنية متعددة التخصصات لتنفيذ التراخيص الإجبارية وتراخيص الاستخدام الحكومي”، قصد “معالجة حواجز الملكية الفكرية، والممارسات المناهضة للمنافسة وأسعار الأدوية الباهظة خلال الأوبئة، بما في ذلك أزمة جائحة كوفيد 19 الحالية”.
وتطلب الهيئات المدنية الموقِّعة من البرلمان المغربي “ضمانَ إنشاء الحكومة لجنة وطنية متعددة التخصصات لتنفيذ التراخيص الإجبارية وتراخيص الاستخدام الحكومي عند الضرورة”، وتزيد موضّحة أنّ هذه اللجنة يجب أن تضمّ “من بين آخرين ممثلين عن وزارات الصحة، والشؤون الاقتصادية والمالية، والتجارة، والمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC)، ومنظمات التأمين الصحي الوطنية، ومقدمي الرعاية، وممثلي المجتمع المدني”.
وتطالب الهيئات المدنية بأن تسند إلى هذه اللجنة مهمّة مراقبة “تحليل حواجز الملكية الفكرية، ومنح التراخيص الإجبارية، وتراخيص الاستخدام الحكومي لاستغلال الاختراعات الحاصلة على براءة اختراع في حالة الحاجة الوطنية، وتلبية الاحتياجات من حيث الأدوية والاختبارات وغيرها من التقنيات الصحية خلال أزمة جائحة كوفيد 19، فوق كل شيء”.
وتشرح الوثيقة ذاتها تفاصيل طلبها موردة: “في ظل حالة إلحاح الوضع الحالي، يجب على هذه اللجنة تحديد جميع براءات الاختراع الحالية أو طلبات براءات الاختراع، وغيرها من الاحتكارات على الأدوية والمنتجات الصحية المحتملة للوقاية والتشخيص والعلاج مِن مرض “كوفيد 19″، وضمان عدم منح أو إعطاء ترخيص لبراءات الاختراع حول الاستخدامات الجديدة، والأشكال الجديدة من الأدوية الموجودة التي يتم اختبارها لعلاج الفيروس (كورونا)”.
وتنادي مذكّرة الجمعيات المغربية باتّخاذ إجراء آخر، هو: “الاستعداد للتّأثير طويل المدى على النظام الصحي الوطني، من خلال الشروع في مراجعة رئيسية للقوانين المنظِّمَة للملكية الفكرية وقطاع الأدوية”، وتضيف منبّهة أنّ ما يحدث في الوقت الحالي هو “تحويل معظم ميزانيات الأنظمة الصحية لمكافحة الوباء، –علما أنّ ميزانيَّتنا الصحية قد تأثّرَت بالفعل بسبب ارتفاع تكلفة أدوية الأمراض الأخرى (…)، كما أن المملكة مستبعدة بشكل متزايد من التراخيص الطوعية للمختبرات الكبيرة، وتدفعها الجهات المانحة الدولية إلى الانتقال إلى التمويل الذاتي؛ في حين شرعت في عمل طموح لتوسيع التغطية الطبية الشاملة”.
وتتأسّف المذكّرة لعدم اتخاذ المشرع إجراءات حول “المِلكية الفكرية والنفاذ إلى الأدوية”، رغم أنّ هذا النقاش ليس حديثاً بالمغرب، ثم تسترسل قائلة: “يمكن الاستشهاد بتقرير البعثة الإعلامية للجنة المالية حول أسعار الأدوية في المغرب لسنة 2009، أو الدراسة المقارنة لتقييم الإطار القانوني لمسائل الملكية الفكرية وأثرها على الحصول على الأدوية، وتوصي جميعها باستخدام أكثرَ منهجية لمواطن المرونة في اتفاقية “تريبس”، ومراجعة التشريعات الوطنية للملكية الفكرية في ما يتعلق بالأدوية التي تعتبر مقيَّدة للغاية بالمعايير الدولية وغير مناسبة لمستوى التنمية في البلاد”.
وتدعو الجمعيات البرلمان بغرفتيه إلى وضع تشريعات قوية، خلال الأزمة الصحية الراهنة، لـ”ضمان الوصول السريع والمناسب إلى الأدوية واللقاحات والاختبارات التشخيصية والأجهزة والمعدات الطبية اللازمة لمكافحة الجائحة في المغرب”.
وتذكّر المذكّرة بأنّه إلى حدود اليوم “لم تتم الموافقة على أي أدوية أو لقاحات لعلاج أو الوقاية من مرض “كوفيد – 19″”، ثم تستدرك منبّهة إلى ما يحدث في جميع أنحاء العالم من دراسة للعديد من الأدوية التي يمكن أن تثبت فعاليتها، والتي يُستعمَل بعضها بالفعل للاستخدام الرحيم، وتزيد: “بمجرد تحديد الخيارات القائمة على الأدلة بعد إجراء التجارب السريرية بشكل صحيح، ستتأثر القدرة على تحمل التكاليف، وتوافر هذه الأدوية بشكل خاص باحتكارات براءات الاختراع، وحصرية بيانات ملف التسجيل”.
وتحيل المذكّرة على عدد من العوائق التي يمكن أن تحول دون الوصول في الوقت المناسب إلى الأدوية والأجهزة الطبية اللازمة، مثل: “الاحتكارات المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، وإجراءات الشراء الطويلة وعمليات الترخيص للتسويق، وفرض الضرائب على الأدوية، والخلل في سلسلة التوريد العالمية، وتصنيع المكونات الصيدلانية الفعالة”، ثم تضيف: “هذه العوائق تظهر بالفعل في سياق الاستجابة لجائحة “كوفيد 19″، ويجب علينا إزالتها كأولوية”.
ومن هذا المنطلق، تدعو مذكّرة الفاعلين المدنيّين المغاربة البرلمان بغرفتيه إلى “النظر في الإجراءات التشريعية والتنظيمية اللازمة لوزارة الصحة، قصد وضع آلية لمنح “التراخيص الإجبارية” (تصاريح الاستخدام الحكومي)، والاستثناءات لجميع براءات الاختراع، وحصرية البيانات المتعلقة بعقاقير مرض “كوفيد 19″، والأجهزة والمعدات الطبية التي يمكن الموافقة عليها، وشراؤها للدولة أو الجماعات أو التأمين الصحي”، ثم تزيد مشدّدة: “لا ينبغي أن تكون براءات الاختراع والحقوق المتعلقة بالملكية الفكرية عقبة في طريق معالجة مرض كوفيد 19”.