في بيان بمناسبة اليوم العالمي للشغل، قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن فاتح شهر ماي يصادف “ظروفا استثنائية”، بسبب استمرار جائحة فيروس “كوفيد-19″، و”استغلال قوانين الطوارئ للمزيد من الحجر على الحق في الاحتجاج والتظاهر السلميين، وكبح الحريات النقابية وانتهاك الحقوق الشغلية؛ حيث الإغلاق التام أو المحدود للمؤسسات الإنتاجية والخدماتية، والفقدان الجزئي أو الكلي لفرص الشغل، والطرد المباشر للعديد من العمال والعاملات لأسباب نقابية”.
في اليوم العالمي للشغل، استحضرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “ارتفاع نسبة الوفيات في صفوف العمّال”، وذكّرت بـ”فاجعة معمل طنجة، الخاص بإنتاج الألبسة الفاخرة ذات العلامات التجارية العالمية، التي أودت بحياة 28 من العمال والعاملات، وقبلها الحادثة الأليمة بمعمل “روزامور” بالدار البيضاء، يوم التهمت النيران أجساد 55 عاملا وأصابت آخرين بعاهات مستديمة”.
كما تحدثت الجمعية عن “الحوادث المتكررة والمميتة التي تعرفها المناجم وفي مقدمتها منجم “إميضر” بتينغير، ومناجم الفحم بجرادة التي تزهق حياة الكثير من الباحثين عن لقمة العيش، ومنجم جبل عوام، بامريرت، الذي يشهد بدوره العديد من الحوادث القاتلة، ومنها وفاة عاملين في حادثتين متتاليتين، وقعتا سنة 2020 لم تفصل بينهما سوى 10 أيام”، ووفاة عامل آخر بقرية امريرت، يوم 27 أبريل 2021.
وبالنسبة للعاملات في القطاع الفلاحي، تتحدث الجمعية الحقوقية عن “الحوادث المميتة التي تكاد لا تحصى إلا بالجملة وبالعشرات”، ومن بينها وفاة ثمان عاملات وإصابة 30 منهن عقب حادثة سير، بناحية مولاي بوسلهام، بعد اصطدام الشاحنة التي كانت تنقلهن مع شاحنة أخرى، و”فاجعة والماس التي ذهبت ضحيتها ست عاملات وإصابة 14 منهن إثر انقلاب سيارة “بيكوب” مخصصة لنقل السلع كانت تنقلهن من وإلى قرية تيداس للعمل في إحدى الضيعات المعروفة بتقطير النباتات العطرية، أمام حاجز للدرك الملكي دون أن يسجلوا أي مخالفة تذكر”.
وتذكر الجمعية أنه “كان من الطبيعي أن يواجه العمال والعاملات وكل فئات المأجورين والمستخدمين والموظفين والموظفات هذه الأوضاع المزرية والمهينة باحتجاجات سلمية ونضالات حضارية واسعة عمت جميع القطاعات والمناطق، وفي طليعتها تلك النضالات الحاشدة للأساتذة والأستاذات المفروض عليهم التعاقد”.
وتستدرك الهيئة الحقوقية قائلة: “لكن للأسف، فعوض نهج أسلوب الحوار والإنصات إلى المطالب المشروعة للفئات المتضررة والمُكتَوية بلهيب المعاناة، اختارت الدولة، جريا على عادتها، اعتماد المقاربة الأمنية القائمة على القمع والمنع والتسلط، وكأن الشعب وكل فئاته المستضعفة في حاجة إلى المزيد من الإذعان والإذلال، ليتنازَل عن حقوقه المهضومة وحرياته المسلوبة”.
وأكّدت الجمعية على “أهمية العمل الوحدوي للنقابات العمالية المناضلة، والتنسيقيات الفئوية، والحركات الاجتماعية وسائر القوى المدافعة عن الحقوق الشغلية؛ تعزيزا للنضال من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وكافة حقوق الإنسان، وللتصدي الحازم لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من ترد غير مسبوق بسبب الانعكاسات البليغة لوباء كورونا المستجد من جهة؛ ومن جهة أخرى بسبب توظيف هذا الوباء من لدن الرأسمالية النيوليبرالية خدمة لمصالحها، دون مراعاة لثقل الأزمة وتكلفتها السلبية على الشعوب بصفة عامة، وعلى الطبقة العاملة بصورة خاصة ومباشرة”.
وأدانت الجمعية ما أسمته “الأساليب المنحطة التي تستعين بها السلطات العمومية التي توظيف القوات الأمنية، مدعومة بأشخاص بدون هوية معروفة، في قمع المحتجين والمتظاهرين وتعنيفهم والتحرش بالنساء، وتسخيرها للقضاء للتضييق على حرية الرأي والتعبير، ومختلف وسائل الإعلام لتشويه الحقائق وتخويف المناضلين والمناضلات”.
ودعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الدولة ومؤسساتها إلى “التحلي بروح المسؤولية، وإلى إعادة النظر في سياساتها الأمنية والقمعية كوسيلة للإخضاع والتركيع والتخويف، بدل الحوار الديمقراطي واحترام حقوق الناس والاستجابة إلى مطالبهم وتقدير كرامتهم وعزتهم”.
وجدّدت الجمعية دعوتها إلى “إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والتعبير، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف والصحافيون والمدونون وكل معتقلي الحق في التظاهر والاحتجاج السلميين، ووضع حد لمضايقة المثقفين والمفكرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والكف عن استعمال القمع والترهيب في مواجهة المطالب المشروعة التي يعبر عنها المواطنون والمواطنات”.
وختمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بيانها بدعوة إلى “كل القوى الحية بالبلاد إلى العمل الوحدوي والمشترك؛ من أجل جعل حد لهذا النزيف الحقوقي وهذه الديمقراطية المبتذلة، وتخليص المجتمع من السلطوية والاستبداد”.