أثار البحث الأخير حول معدل انتشار العنف لدى الرجال في مختلف المجالات، الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط، ردود فعل رأت أنه جعل العنف الذي تتعرض له النساء على درجة متقاربة مع العنف الذي يتعرض له الذكور.
وعبرت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب عن انزعاجها من بحث المندوبية السامية للتخطيط، معتبرة أن لجوء المندوبية السامية للتخطيط إلى المفاهيم والتصنيفات والأشكال المدرجة عالميا في مجال دراسة ظاهرة العنف ضد النساء لقياس العنف ضد الرجال، “غير مقبول علميا ومنهجيا”.
وبررت الجمعية موقفها من البحث الذي شمل عينة من 3000 رجل، بكون العنف ضد النساء، أي العنف المبني على النوع الاجتماعي، هو انتهاك لحقوق الإنسان وتمييز على أساس الجنس واعتداء على حرية وكرامة النساء، وبالتالي، “لا يمكن تصور فهم العنف القائم على النوع الاجتماعي بنفس الطريقة ونفس الأسلوب الذي يتم به التعامل مع أشكال العنف الأخرى”.
وكان البحث الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط قد كشف أن ما يقرب من ثلث الرجال تعرضوا للعنف للزوجي، مشيرا إلى أن الشرائح الأكثر عرضة للعنف هم العزاب والشباب والفئات الأكثر تعليما، كما أن المراهقين يظلون هم الفئة الأكثر تضررا من العنف العائلي الممارس من طرف الآباء والإخوة.
ولفتت المندوبية إلى أن الهدف من بحثها الأخير حول العنف ضد الرجال ليس هو التقليل من العنف الذي تتعرض له المرأة، بل إلقاء المزيد من الضوء على الظاهرة الاجتماعية للعنف في جانبها ثنائي الأبعاد، وتوسيع نطاق فهم العنـف بيـن الضحايا ومرتكبيه بمصدريْه الأنثوي والذكوري.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب اعتبرت أن النتائج التي خلص إليها البحث “تجعل المغرب استثناء عالميا”، حيث “انتشار العنف الذي يعاني منه الرجال مشابه أو لنقل يتجاوز ما تتعرض إليه النساء”.
ويرى التنظيم الجمعوي نفسه أن بحث المندوبية السامية للتخطيط ينطوي على “تحيز مفاهيمي ومنهجي ناجم عن عدم فهم العنف كما هو معترف به عالميا”، معتبرا أن هذا “التحيز” ينتج عنه تحوير الخلافات الزوجية البسيطة إلى أعمال عنف ضد الرجال.
وقدمت الجمعية نماذج للخلافات التي يتم تحويرها إلى أعمال عنف ضد الرجال من طرف النساء، مثل “رفض الشريكة التحدث مع شريكها لعدة أيام”، و”مظاهر الغضب أو الغيرة من طرف المرأة عندما يتحدث شريكها إلى امرأة أخرى”، و”الإصرار المبالغ فيه على معرفة مكان الزوج”.
وأشار بحث المندوبية السامية للتخطيط إلى أن الفضاء الزوجي هو الفضاء المعيشي الأكثر اتساما بالعنف، حيث تعرض 31 في المئة من الرجال للعنف الممارس من طرف الزوجة أو الزوجة السابقة أو الخطيبة أو الشريكة الحميمة.
وقالت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب إن المندوبية السامية للتخطيط “مدعوة بشدة لمراجعة تعريف العنف، لا سيما الأشكال التي يعتبرها كل من الرجال والنساء (عنفا نفسيا)، لما يشكله هذا الخلط المفاهيمي والمنهجي من وضع مصداقية المؤسسة الإحصائية الوطنية وسمعتها وإنتاجاتها الحالية والمستقبلية على المحك”.