بعذر ثابت يستند إلى الظروف الصحية التي تمر منها المملكة، منعت السلطات العمومية على امتداد فترات إعلان حالة الطوارئ احتجاجات فئوية عديدة، آخرها أشكال “تصعيدية” خاضها “الأساتذة المتعاقدون” في الدار البيضاء وإنزكان.
وتواجه كافة إعلانات الاحتجاج معطى الوضع الصحي بالبلد، وهو ما يدفع السلطات العمومية إلى تفعيل المنع، لكن التعامل مع أشكال احتفالية أخرى بليونة أكثر جعل العلاقة متوترة بين العديد من الحركات الاجتماعية وقوات الأمن.
وليست هذه المرة الأولى التي ترفض فيها احتجاجات “المتعاقدين”، كما تسبقها بلاغات رسمية للعمالات ترفض الأشكال الاحتجاجية فوق ترابها، فضلا عن تنبيهات الأمنيين. لكن الأساتذة يبررون التشبث بالميدان بغياب أي بوادر حوار مع الوزارة الوصية.
وتعود آخر جولات الحوار بين التنسيقيات والنقابات مع وزارة التربية الوطنية إلى ثلاث سنوات، لكن دون الخروج بجديد على مستوى 22 ملفا عالقا، وهو ما يسري كذلك في مختلف القطاعات الوزارية الأخرى، بسبب سياقات جائحة كورونا.
كيل بمكيالين
ربيع الكرعي، عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، أورد أن منع السلطات للخرجات المطالبة بالحقوق المشروعة يطرح عدة تساؤلات، منها: أين كانت هذه السلطات في اللحظات التي خرج فيها الجمهور المحتفل بالانتصار الدبلوماسي للمغرب؟.
واعتبر الكرعي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “المنع والقمع ليس وليد اللحظة، وفي ظل الجائحة فقط، بل هو أسلوب قديم/جديد، طالما يتم تقديمه إجابة لكل من يطالب بحقوقه”، وزاد: “استغلال حالة الطوارئ ليس سوى ذر للرماد في العيون”.
كما أشار المتحدث إلى أن السلطات تحاول إخفاء حقيقة “فيروس التعاقد”، موردا أن “الأسلوب القمعي للاحتجاجات كان قبل الفيروس بالوتيرة نفسها”، ومؤكدا “استمرار التنديد بالشكل نفسه إلى حين تحصين المدرسة العمومية والوظيفة العمومية”.
وبخصوص الأشكال الاحتجاجية المقبلة، أكمل الكرعي تصريحه قائلا: “من المرتقب أن يحسم فيها المجلس الوطني المنعقد بمدينة أكادير، وسيفرج البيان الختامي عن مستجدات التصعيد القائم دوما إلى حين تحقيق مطلب الإدماج في الوظيفة العمومية”.
مطالب الحوار
دعا الفاعل الحقوقي عبد الإله الخضري الحكومة إلى نهج سياسة مرنة، تروم فتح قنوات الحوار مع المحتجين، والبحث عن حلول واقعية لمشاكلهم المتراكمة ومعاناتهم اليومية بدل استغلال ظروف الجائحة ودفعهم إلى الاحتجاج ثم قمعهم بدعوى خرق حالة الطوارئ.
واعتبر الخضري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا يذكي الاحتقان ومشاعر الغبن في نفوس هؤلاء المحتجين، مطالبا الحكومة المغربية وممثلي السلطات العمومية بالإصغاء إليهم.
وأضاف المتحدث أن الحركة الحقوقية توجد بين مطرقة حالة الطوارئ الصحية، التي تحظر التجمعات، وسندان المتضررين ومسانديهم، المصرين على الاحتجاج عبر الوقفات والمسيرات والاعتصامات، في ظل غياب إرادة حقيقية لدى المسؤولين ليأخذوا معاناتهم على محمل الجد والمسؤولية.