عبر محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، عن انزعاجه من حجم الطعون التي ترِد على محكمة النقض، إذ بلغت نسبة القضايا المنقوضة 23.66 في المائة، صدر بشأنها 9597 قرارا سنة 2020، داعيا إلى اتخاذ إجراءات قانونية لترشيد استعمال حق النقض.

وقال عبد النباوي في كلمة بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة، الجمعة، إن ما يزيد على 76 في المائة من القضايا المحكومة لم يُقبل فيها النقض، وعدّ الجهد الذي جرى صرفه في النظر في هذه القضايا “هدرا للزمن القضائي”.

واعتبر عبد النباوي أن عدم قبول النقض في ثلاثة أرباع من القضايا المنقوضة “يطرح التساؤلات حول جدية تلك الطعون، والهدف من استعمالها، ولاسيما ما إذا كانت تستعمل بشكل غير متزن لتأخير الحسم النهائي في بعض القضايا التي لا تتوفر منذ البداية أسباب وجيهة لنقضها”.

وطالب الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض باتخاذ إجراءات قانونية لترشيد استعمال الطعن أمام محكمة النقض، “حتى يظل قضاء النقض مناسبة لتحسين مستوى تطبيق القانون من طرف المحاكم”، معتبرا أن ترشيده سيمكّن قضاة النقض من التوفر على الوقت الكافي لتدقيق أحكامهم وإجادة تحريرها، ولا يتم إنهاك قدراتهم بتراكم أعداد الملفات بسبب المبالغة في الطعون.

من جهة ثانية كشف رئيس النيابة العامة أن جلسات المحاكمة عن بعد، التي جرى اعتمادها بسبب انتشار جائحة فيروس كورونا، مكّنت، خلال الفترة ما بين 27 أبريل 2020 ومتمّ السنة، المحاكم من البتّ في 88.079 قضية تهم معتقلين مثلوا أمام المحاكم عن بعد حوالي 267.200 مرة.

وتم الإفراج عن 7785 معتقلا مباشرة بعد الجلسات. وقال عبد النباوي إن الأشخاص المفرج عنهم كانوا سيظلون رهن الاعتقال ما لم تُعقد جلسات محاكمتهم عن بعد، لافتا إلى أن هذه المحاكمات التي تتم بموافقة من الأطراف ودفاعهم “تحترم كل شروط المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ولاسيما الحضورية والوجاهية بين الأطراف”.

وعرفت سنة 2020 زيادة في عدد المعتقلين الاحتياطيين، إذ بلغت نسبتهم 45 في المائة من إجمالي الساكنة السجنية، بينما كانت نسبتهم 39 في المائة سنة 2019. وحالت هذه الزيادة دون تحقيق الأهداف المرجوة في ميثاق النجاعة الرامي إلى تحقيق 35 في المائة.

غير أن رئيس النيابة العامة اعتبر أن المحاكم لم تكن لتتمكن من البت في قضايا أكثر من 100 ألف معتقل لو لا استعمال تقنية المحاكمة عن بعد، بسبب استحالة نقلهم إلى المحاكم امتثالا لتدابير الوقاية والحماية من كوفيد-19 التي قررتها السلطات العمومية.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن جائحة كورونا “شكلت امتحانا صعبا لمؤسسات العدالة في بلادنا على غرار الكثير من القطاعات الأخرى التي تأثرت بها سلبياً بالمغرب وبأغلب دول العالم”، مبرزا أن سنة 2020 “كادت تكون سنة بيضاء بالنسبة للمحاكم، التي اضطرت في فترة الحجر الصحي إلى توقيف أغلب أنشطتها حماية للمتقاضين ولمهنيي العدالة”.

وأضاف أن التدابير الوقائية اقتضت التزام البيوت خلال فترة الحجر الصحي منذ أواخر شهر مارس إلى غاية شهر يوليوز، بشكل شبه كلي، وهو ما استدعى اللجوء إلى وسائل استثنائية لتصريف القضايا الضرورية، ولاسيما عقد جلسات المعتقلين عن طريق المناظرة المرئية عن بعد.

وأوضح المسؤول القضائي نفسه أن رئاسة النيابة العامة عملت منذ الأيام الأولى لإقرار الحجر الصحي على وضع برمجيات معلوماتية لتلقي شكايات المواطنين دون ضرورة التنقل للمحاكم، وتم الاهتمام بصفة خاصة بشكايات العنف ضد النساء، إذ تمكّنّ من التبليغ عن هذه الأفعال بواسطة عدة منصات رقمية وهاتفية تم وضعها خصيصاً لهذه الغاية.

ولم تُسجَّل خلال الشهر الأول من الحجر الصحي سوى 148 متابعة من أجل العنف ضد النساء، غير أن عدد المتابعات التي أقيمت خلال فترة الحجر الصحي ما بين 20 مارس و30 يونيو 2020 ناهز 1.568 متابعة، بمعدل 466 متابعة كل شهر، وهو رقم قال رئيس النيابة العامة إنه يظل أقل من الأرقام المسجلة في الفترات العادية التي توازي حوالي 1.500 متابعة شهريا.

hespress.com