دعت حركة ضمير إلى اللجوء إلى النقاش الهادف، البعيد عن الشخصنة والتحامل على الأشخاص عوض مناقشة الأفكار، بخصوص قضية الطفل المغدور عدنان بوشوف، معلنة رفضها التهجم الشخصي على الأفراد المخالفين للآراء السائدة، ومستنكرة الدعوة إلى القتل الصادرة في حق عضو مكتبها التنفيذي أحمد عصيد.

وعبرت الحركة، في بيان لها، عن أسفها لكون هذه الدعوة “صادرة عن عضو في أحد الأحزاب السياسية المغربية الممثلة في البرلمان”، مسجلة ارتياحها لإقدام مسؤولي الحزب على إدانة هذا الفعل علانية واتخاذ قرار تقديم صاحبه أمام مجلس تأديبي.

كما اعتبرت حركة ضمير أن الاستنكار الشعبي المشروع والواسع لهذه الجريمة “يعكس في المقام الأول تخوُّف المواطنين على فلذات أكبادهم ويطرح من جديد وبإلحاح موضوع حماية الأطفال من كل أشكال الاعتداء الممارسة على فئات عديدة منهم في المجتمع، علما أن ظاهرة اغتصاب الأطفال ليست لها علاقة بديانة معيّنة أو بلدٍ معيّن، لكونها ظاهرة كونية تعرفها كل البلدان بنسب متفاوتة على اختلافها”.

ولفت بيان الحركة إلى أن المعطيات المتضمنة في تقارير الجمعيات المشتغلة في الميدان أو الفيديوهات التشهيرية الرائجة في بعض شبكات التواصل الاجتماعي أو الأخبار المتداولة في المواقع الإخبارية بالمغرب، منذ مدة ليست بالقصيرة، “تعكس هذه الحالات وتنذر بتعددها المقلق..وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك حالة الطفلة “إ” بعمالة طاطا أو فيديو يوثق لقيام شاب بالاعتداء على فتاة بمنطقة العوامة قرب تجزئة المجد بطنجة، أو حالة القاصر بمراكش ضحية المغتصب الكويتي الهارب، أو الحالة التي تحدثت خلالها والدة الطفل ذي إعاقة في وجدة، الذي اغتُصب خلال مشاركته في مخيم صيفي، أو الاعتداءات الجنسية اليومية على الأطفال المشردين في الشوارع”.

إن هذا الواقع، وفق بيان الحركة، “يزداد تعقيدا حين نقف على أن المغتصب هو في حالات معينة مَحْرمٌ من الأقربين أو مربٍّ أو مدرب أو إمام مسجد…الخ. ويزداد الأمر خطورة حين تطالعنا الأخبار بحالات ما يسمى الصلح وتنازل الأولياء، نظير مبلغ من المال في عدد من الحالات”.

“إن كل هذا يبين أن الأمر لن ينتهي غداة إنزال العقاب المستحَق بالمجرم، فهذه الحالات وغيرها تطرح في العمق مسؤولية الجميع في مواجهة هذه الجائحة المجتمعية التي تهدد أطفالنا: قضاء وأمنا ومجتمعا وفضاءات تنشئة اجتماعية، وتسائل سياساتنا في موضوع قضايا الطفولة قاطبة، ومن ضمنها وفي مقدمتها حمايتهم من الاعتداء والاغتصاب والقتل في عدد من الحالات”، يورد البيان ذاته.

وزاد البيان أن هذه الأوضاع “تتضافر كلها كي تسهل الجريمة لأصحابها المتربصين، عبر التراخي في التوعية داخل العائلة بأهمية حرمة الجسد أو تكليف الأطفال بمهام تتجاوز طاقتهم وسنهم، أو ضعف المرافقة والمراقبة لتفاصيل حياتهم، بما في ذلك ولوجهم وسائط التواصل الاجتماعي التي أصبحت مجالا لاصطياد القاصرين بسهولة كبيرة، إضافة إلى غياب أي أثر لتربية جنسية سليمة الهدف منها تحصين نفسية وجسد القاصر من الاصطياد والعبث، أو لجوء عدد من الأسر للتكتم مخافة “الفضيحة” أو “التنازل” عن المتابعة في إنكار بيّن لحقوق أبنائهم”.

واعتبرت حركة ضمير في بيانها أن هذه المجهودات المحمودة للأسر قصد مواجهة الوضع “قد تذهب هباء إذا لم تسندها سياسات عمومية – إضافة إلى مسؤولية الأمن والقضاء في التتبع والكشف والردع والعقاب – عبر حملات تحسيسية مستمرة حول الظاهرة في شموليتها وحول أسباب استشرائها وحول علاقتها بالمجتمع بجميع فئاته وبخلفياته الثقافية وأنظمته التربوية، وعبر وضع آليات جهوية تشاركية للتنبيه المبكر قصد إنقاذ الحالات الطارئة قبل فوات الأوان”.

واقترحت الحركة في آخر بيانها تكليف المرصد الوطني لحقوق الطفل بوضع آلية لرصد الظاهرة واقتراح سبل مواجهتها، وكذا تكليف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، طبقا للقانون المتعلق بإعادة تنظيمه بإنشاء الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا الانتهاكات (المادتان 12 و18 من القانون المذكور)، “عبر تلقي شكايات الأطفال ضحايا الانتهاك أو من ينوب عنهم قانونيا، ومباشرة التحريات المتعلقة بالشكايات المتوصل بها ودراستها ومعالجتها والبت فيها، إضافة إلى جلسات استماع ودعوة الأطراف المعنية بالانتهاك، وكذا الشهود والخبراء وكل شخص ترى فائدة في الاستماع إليه، والتصدي لكل حالات الانتهاك التي تبلغ إلى علمها، وتبليغ السلطات القضائية المختصة وموافاتها بجميع المعلومات والمعطيات والوثائق المتوافرة لديها في حالة وقوع خرق أو انتهاك فعلي”.

hespress.com