أجمعت الدراسات العلمية في مجال الأوبئة على أن فصل الخريف قد يكون فترة ذهبية لتفشي وباء “كوفيد-19” وارتفاع عدد المصابين به، لأنه يشكل بيئة مناخية مناسبة لبقاء فيروس كورونا المستجد لفترة أطول قد تصل إلى أسبوع، عكس فصل الصيف حيث مدة بقاء الفيروس تتراوح بين يوم وثلاثة أيام.

ففي مدينة طقسها بارد، ستتأجج الوضعية الوبائية في فصل الخريف بالنظر إلى تشابه الأعراض بين الزكام الموسمي ووباء “كوفيد-19″، ما ينبئ بفترة عصيبة تتنظر مراكش. ولأن الموجة الثانية تشكل خطرا قائما، فقد وجب الاستعداد لها بمزيد من الاحتراز وتغيير البروتوكولات، والحفاظ على الأطر الصحية والتمريضية.

ومع تأزم الوضع الوبائي بالجهة والإقليم، يتضاعف تصدي الأطر الصحية لمواجهة الجائحة رغم قلة الإمكانيات وعدم توفر شروط الحماية وتردي الظروف الاستشفائية بعدد من المؤسسات الصحية بالجهة، لذا يتفاقم التخوف من نقل العدوى إلى أسرة البدلة البيضاء.

“حتى لا تقع كارثة تصيب العباد والبلاد، بعد تسجيل عدد من الإصابات في صفوف الأطباء والممرضين بسبب رمي المهنيين بالصحة المجندين للتصدي للجائحة وسط عائلاتهم، فإن الأمر يفرض التدخل قبل فوات الأوان”، يقول عادل جبابري، ممرض عضو المكتب النقابي للمستشفى الجامعي محمد السادس المنضوي تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل.

“فمنذ أواخر شهر فبراير المنصرم، ومع تسجيل المملكة المغربية لأولى حالات الإصابة بكوفيد-19، خصصت فنادق ومراكز اصطياف عدة بالمدينة الحمراء لإيواء الأطر الطبية التي انخرطت في مواجهة الوباء، ما ساهم في تجنيب المدينة مشاكل عدة”، يضيف الممرض ذاته في تصريح لهسبريس.

هذا الأخير كشف أنه بعد تخفيف الحجر الصحي وتزايد أعداد المصابين، حرمت فئة كبيرة من “الجيش الأبيض” من الإيواء، “لتبدأ رحلة البحث مرة أخرى، لأن المراكز التي تم توفيرها غير كافية وبعيدة عن مقرات العمل في ظل غياب وسائل النقل، إلى جانب رداءة الوجبات الغذائية المقدمة حاليا لهم، بعد أن كانت ولاية الجهة مكلفة بذلك”، على حد تعبير جبابري.

وحاليا يشكل الإيواء مشكلا حقيقيا للمهنيين المحرومين منه؛ فالعديد منهم نقلوا العدوى إلى أبنائهم وآبائهم بسبب الاختلاط بهم لدى عودتهم إلى منازلهم بعد العمل، أضف إلى ذلك أن غياب الإيواء يفرض عليهم التنقل عبر وسائل النقل العمومية وما يشكل ذلك من إمكانية نقل العدوى إلى أناس أبرياء، وفق إفادة المتحدث لهسبريس.

ولأن ممرضين وأطباء أصيبوا ونقلوا العدوى إلى أفراد أسرهم، كبارا وصغارا، ومنهم من توفي بالوباء بمستشفيات مراكش، فإن إيواء الطاقم الصحي بات حاجة ملحة لتجنب وقوع ذلك مجددا.

أمنية العمراني، مستشارة جماعية بجماعة مراكش، قالت إن مطلب إيواء العاملين في الصفوف الأمامية لمواجهة الفيروس في مدينة ما زالت تختنق مطلب بسيط لا يجب أن يخضع للمزايدات الفارغة، بل يفرض التحلي بالنضج والمسؤولية والقوة وقيم النضال الحقيقة لطرق كل الأبواب التي أوصد بعضها وفك الصمم عن آذان مسؤولين عن سماع معاناة الأطر الصحية.

وأضافت العمراني، في تصريح لهسبريس، قائلة: “تعرُّضُ الأطر الطبية للإصابات مأساة مؤلمة في ظل غياب الضمان الاجتماعي، لذا وجب أخلاقيا حمايتهم، وتوفير مراكز الاصطياف للقطاعات الحكومية والخاصة التي تعج بها مدينة مراكش، وهي متوقفة بسبب الجائحة، لإيواء الأطباء والممرضين”.

وحذّرت المستشارة الجماعية من عدم العناية بالأطر الصحية، خاصة وأن موجة ثانية محتملة للفيروس على الأبواب في فصل الخريف، موردة أن “الخطر قائم ويجب الاستعداد له، فتغير المناخ يخلف بيئة خصبة لنشاط الفيروسات بمختلف أصنافها، ويستحيل مواجهتها إذا سقط جنود الصفوف الأمامية الذين ودع بعضهم الحياة بمستشفيات مراكش”.

وطالب كل من جبابري والعمراني المسؤولين عن تسيير الشأن العام عامة، وقطاع الصحة خصوصا، بالتركيز على إيجاد حل لهذه المعضلة والتعجيل بذلك، لأن غياب السكن ووسائل النقل الخاصة لا ترخي نتائجه السلبية بظلالها على المهنيين فقط، بل تشمل الأهل والجيران والمواطن البسيط، وهذا الأمر سيساعد في تفشي الجائحة.

hespress.com