قصدَ الخروج النّاجح من “الحَجر الصّحّيّ” بالبلاد، دعا حزب النّهج الديمقراطي إلى “الإعفاء من أداء فواتير الكهرباء والماء والإنترنت”، و”وضع برامج لمعالجة الآثار النفسية والمادية لفترة الحجر الصحي على الأطفال والطلبة والتلاميذ وربات البيوت والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص في وضعية الشارع، وكل الفئات في وضعية خاصة”، و”اعتبار الأمومة وظيفة اجتماعية”، و”حماية الحامل، بإقرار إجراءات زجرية ضد أي طرد للعاملة في الصناعة والخدمات (والزراعة) بسبب الحمل أو الوضع”.

وفي ورقة تبسط منظور “النّهج الديمقراطي” لتدبير الخروج من “الحَجر”، دعا الحزب الماركسيّ إلى ضخّ المزيد من الأموال في الصندوق الخاص بتدبير تداعيات الجائحة، من أجل “تمكينه من تغطية مصاريف تنفيذ مختلف الإجراءات والتدابير”.

ويرى “النّهج” أنّ هذا الصّندوق يجب ملؤه عن طريق “استرجاع الأموال المهربة للخارج، وإقرار فوري لضريبة تصاعدية على الثروات الكبرى، وسن ضريبة تصاعدية على المواريث الكبرى، وسن ضريبة على أرباح المضاربات والأنشطة الضّارّة بالبيئة، وإلغاء الإعفاءات الضريبية، والتّقليص من نفقات التسيير”، مع “تحويل الحسابات الخصوصية وميزانية التسلح للصندوق، وخصم نسبة خمسين بالمئة من أجور الوزراء والبرلمانيين، وإلغاء جميع التعويضات الخاصة بالهيئات والمجالس”.

كما دعا النّهج الديمقراطي إلى “توقيف العمل بالميزانية الحالية ووضع ميزانية استثنائية قادرة على الاستجابة لمتطلبات مواجهة جائحة كوفيد-19″، ترفع من “ميزانية الخدمات العمومية والخدمات الاجتماعية، مثل: الصحة والتعليم والتشغيل”، وترفع فيها “ميزانية البحث العلمي، مع مراجعة النظام الضريبي، وإعادة النظر في الميزانيات الضخمة المخصصة لبعض القطاعات، خصوصا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أو وزارة الدفاع، في مجال التسليح”.

وذكّر الحزب المعارض بأنّ “الشّعب المغربي يعيش منذ 20 مارس 2020 تحت حالة الطوارئ الصحية بسبب جائحة كوفيد-19″، وأضاف قائلا: “كان للجماهير الشعبية، وفي مقدمتها الطبقة العاملة، وافر الحظ في المعركة مع هذه الآفة من خلال مواجهة الفيروس مباشرة في مقرات العمل، أو بالصمود في المنازل، رغم إكراهات فقدان الشغل، والخصاص، والعوز، والضغوط النفسية، وضعف دعم الدولة، وغياب الخدمات العمومية”.

وهو ما رافقه، حَسَبَ المصدر ذاته: “جشع وانتهازية البورجوازية، ومحاولاتها لاستغلال ظرفية الجائحة من أجل الربح على حساب الفئات الشعبية، ومغامرتها بالأرواح من أجل الأرباح عوض تقديم التضحيات التي تفرضها الأوضاع العامة للبلاد”.

وفي ورقته حول تدبير الخروج من الحَجر، سجّل النّهج أنّ “الدولة” كان عليها أن تخضع كل تدابير وإجراءات فترة الخروج من الحجر الصحي لمبدأ عام موجِّه هو: “عدم المغامرة بأرواح المواطنات والمواطنين، واتخاذ كل الاحتياطات الضرورية لذلك وإلزام كل الأطراف باحترامها”، ثم استرسل قائلا: “غير أن الارتفاع المهول في عدد الإصابات بفيروس “كوفيد-19″ خلال المرحلة الأولى من تخفيف الحجر الصحي، وظهور بؤر كبيرة في مواقع الإنتاج، تؤكد أن دولة الاستبداد والفساد قد فضلت الاستجابة لجشع الباطرونا والسماح لها بتعريض العاملات والعمال لخطر الفيروس”.

وبهذا التعامل مع “الباطرونا”، الاتحاد العامّ لمقاولات المغرب، بـ”عدم إلزامها بالقيام بالفحوصات للأُجراء في الوحدات الإنتاجية أو الخدماتية كشرط للاستمرار في العمل”، والسّماح لها بـ”مواصلة الإنتاج في ظل شروط تغيب عنها أبسط شروط الصحة والسلامة”، يرى النّهج أنّ فترة ما بعد الحَجر “ستكون مناسبة لمواجهة جشع الباطرونا، ومحاولاتها للسطو على أموال الشعب، والتهرب من واجباتها، وإمعانها في استعباد العاملات والعمال”، كما ستكون “فترة لمقاومة تسخير الدولة لكل إمكاناتها لخدمة البورجوازية على حساب الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية.”

كما ذكر النّهج الديمقراطي أنّ فترة الخروج من الحجر الصحي يجب أن تستثمر في “التعبير عن رفض الاستمرار في خنق الحريات الديمقراطية، ورفض كل تقليص للحريات العامة والحريات الفردية باسم ضرورات مواجهة الأزمة الصحية”؛ لأنّه “لا يمكن الخروج من الحجر الصحي والاستمرار في الحجر على الحريات والحقوق.”

وأوصى حزب النّهج الديمقراطي بـ”نبذ الأساليب العنيفة والمهينة لفرض الالتزام بالإجراءات والتدابير الاحترازية والوقائية من الفيروس، والاعتماد على التوعية والإقناع، مع تنظيم حملات لتوضيح متطلبات هذه الفترة من المعركة مع الفيروس بالأمازيغية والعربية والدارجة”.

كما أوصى بـ”متابعة عملية الخروج من الحجر الصحي بتدرج، وتوزيعها على عدة مراحل، مع مراعاة الفوارق بين الجهات والأقاليم، وبين القطاعات الإنتاجية والخدماتية، وبين فئات المواطنات والمواطنين حسب قدرتهم على مقاومة الفيروس”، و”إعمال مقاربة النوع في السياسة التدبيرية للجائحة”، و”إجراء فحص شامل للعاملات والعمال اعتبارا لخطورة الشروط التي يعملون فيها، ولكثرة بؤر العدوى في مؤسسات الإنتاج”.

وبعد تأكيده على الحاجة إلى “التزام المواطنات والمواطنين بالوقاية والتدابير الاحترازية حتى لا تتاح الفرصة لاتساع بؤر انتشار فيروس كورونا”، نادى حزب “النّهج” بـ”سَنِّ قانون إطار لحماية النساء من جميع أشكال العنف في مختلف المجالات، يكون متلائما مع ما ينص عليه الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة”، مع توفير “الدعم النفسي والقانوني لحالات التعرض للعنف الأسري خلال فترة الحجر الصحي.”

وسجّل التّنظيم السياسي اليساري الجذري الحاجة إلى “احترام الحريات الديمقراطية”، من قبيل: “حرية الضمير، والرأي والتعبير، والتنظيم، والتظاهر، والاحتجاج”، و”إطلاق سراح المعتقلين بسبب خرق الحجر الصحي”، والإفراج عن “المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومعتقلي حراك الريف ومعتقلي الاحتجاجات الشعبية والنضالات العمالية، وإيقاف المتابعات”، مع “تمكين فروع الإطارات المناضلة المحاصرَة من وصولات الإيداع، ومنها فروع النهج الديمقراطي، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي”.

وفي الورقة ذاتها حول تصوّر “النّهج الديمقراطي” لخروج المغرب من “الحَجر الصّحّيّ”، دعا إلى “الإسراع بتدارك العمليات الإدارية المؤجلة بسبب الحجر الصحي”، ورفض “تسريح الأجراء بسبب الجائحة”، مع تأكيده على الحاجة إلى “إرجاع الذين توقفوا عن العمل بسبب حالة الطوارئ والحجر الصحي”، و”إطلاق حملة لتسجيل جميع العاملات والعمال في صندوق الضمان الاجتماعي في القطاعين المهيكل وغير المهيكل”.

ونادى الحزب بتعويض جميع الأُجراء عن فقدان الشغل وعن البطالة، بغضّ النظر عن انخراطهم في صندوق الضمان الاجتماعي من عدمه، وضمان سلامة العاملات في وسائل النّقل التي تُقِلهنّ إلى عملهنّ، والمساواة في أجورهنّ مع العمّال، رافضا “تقليص الأجور بمبرر مواجهة آثار الجائحة”، مع تشديده على “محاسبة ومحاكمة كل من فرط في صحة وسلامة العاملات والعمال وتلاعب بحقوقهم”، بعد “إغلاق وحدات الإنتاج الموبوءة، وتعميم الفحوصات والتحاليل المخبرية على العاملات والعمال والمخالطين”.

وطالب حزب النّهج “الدولة بتحمل كامل مسؤولياتها لتجاوز هذه الأوضاع المأساوية الناتجة عن تزامن الجفاف مع جائحة الوباء”، وذلك بدعم “الكسّابة” الصغار، أي مربو الماشية الصغار، “وإعفائهم من الديون، وتمكينهم من قروض دون فائدة وحمايتهم من المضاربة”، و”توفير كافة أشكال الدعم للفلاحين الفقراء والصغار والمتوسطين المتضررين من الجفاف، ومدّهم باللوازم الضرورية للتّحضير للموسم الفلاحي القادم”.

ودعا الحزب إلى “إلزام الفلاحين الكبار بتوجيه أنشطتهم نحو تلبية الحاجيات الغذائية المحلية أولا؛ لأنهم يستفيدون من مياه الري ودعم الدولة بواسطة صندوق التنمية الفلاحية وتمويلات أخرى”، و”تعميم الكشف المخبري عن فيروس كورونا المستجد على كل العاملات والعاملين بقطاع الصيد البحري”، مع “إعادة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول الاتفاقيات المجحفة المرتبطة بالسيادة الغذائية والصيد البحري، والبحث عن شركاء على المستوى المغاربي، وعلى المستويين الروسي والصيني”.

ويرى الحزب ضرورة “استمرار وتقوية كل أشكال الدعم المادي خلال فترة الخروج من الحجر الصحي”، و”استمرار إيواء الأشخاص في وضعية الشارع إلى أن يتم إيجاد حل نهائي لوضعهم”، مع ضرورة أن يرافق ذلك “توفير دعم للنساء الأرامل”، و”دعم للمشغلين الذاتيين والمقاولات الصغيرة لمواجهة تداعيات الأزمة”.

ومن بين التدابير التي دعا إليها النّهج للخروج السليم من الحَجر، “ضرورة مراجعة قانون الخوصصة بما يمكّن من استرجاع المؤسسات الاستراتيجية، خصوصا التي تقدم خدمات عمومية أو اجتماعية”، و”مراجعة السياسة الطاقية وتأميم القطاع لتلبية الحاجيات الداخلية، بدءا من تأميم لاسامير”، و”إعادة الاعتبار لسياسة التخطيط مما يمكّن من تأميم القطاعات الاستراتيجية، وسن سياسة وطنية للتصنيع والتشجيع على الإنتاج الداخلي، وتفضيل الاستهلاك المحلي، ووضع حد لتهريب الأموال واستيراد المنتجات الاستهلاكية الكمالية باهظة الثمن”.

كما يرى الحزب أن الظرفية مناسبة لـ”إلغاء مأذونيات الريع في جميع المجالات كالنقل البري والبحري والرمال والملك الغابوي، وغيرها”، و”توقيف أو تأجيل تسديد الديون الخارجية، في انتظار إعادة التفاوض حول إلغائها”، و”إعادة النظر في الامتيازات الخاصة بشركات الخدمات الترحيلية، خاصة ما يتعلق بالضرائب وحقوق الأجراء”، مع “مراجعة دفاتر تحملات الشّركات العاملة بالمناطق الحرة لضمان الحريات النقابية وحقوق العاملات والعمال”.

وسجّل حزب النّهج الديمقراطي الحاجة إلى “استحضار البعد البيئي في كل القرارات الاقتصادية”، وضرورة “فرض دفتر تحملات على الشركات التي تستعمل بكثافة المواد الكيماوية والمحروقات في صناعتها”، و”توقيف الاتفاقيات مع الدول الإمبريالية التي تتيح لهم إمكانية تلويث البيئة حفاظا على صحة المواطنات والمواطنين.”

وتحدّث “النهج الديمقراطي” في تصوّره حول ما بعد الجائحة عن “اعتزازه بالصمود الشعبي في وجه فيروس كورونا”، وأعرب عن تمنيه “ألا تذهب تضحياته-أي الشّعب-سدى، وأن يُستفاد من دروس هذه الجائحة للوعي بمخاطر الرأسمالية، والإعلان عن حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحات والكادحين، والقيام بالتغييرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الضرورية لتجاوز الاستبداد والفساد والفقر والبطالة والتهميش والأمية، وبناء مجتمع الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة، في أفق بناء المجتمع الاشتراكي.”

hespress.com