تنكب وزارة الثقافة والشباب والرياضة على مشروع يهدف إلى توفير فضاءات لإقامة حضانات للأطفال عمومية ومجانية، في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، من أجل تيسير مأمورية ولوج الأطفال إلى التعليم الأولي بعد إطلاق الحكومة لمخطط تعميمه.

وتأتي فكرة إحداث حضانات عمومية مجانية، حسب المعطيات التي قدمها عثمان الفردوس، وزير الثقافة والشباب والرياضة، في ندوة نظمها المجلس الوطني للصحافة، حول صورة المرأة في الإعلام، انطلاقا من أن “ولوج الطفل إلى التعليم الأولي مباشرة دون المرور عبر الحضانة قد يجعل انطلاقة مساره الدراسي غير موفقة”.

وأضاف المسؤول الحكومي: “مخطط تعميم التعليم الأولي، الذي يستهدف الأطفال البالغين أربع سنوات، هو مخطط إستراتيجي؛ ولكن إذا قضى الطفل أربع سنوات الأولى من عمره داخل بيت أسرته، ولم يسبق له أن خرج من محيطه العائلي أو المجتمع الضيق المحيط به، ثم ولج مباشرة إلى التعليم الأولي فقد لا تكون انطلاقته جيدة”.

ويتوفر المغرب على شبكة من زهاء 500 حضانة خاصة و400 حضانة عمومية، يتراوح عدد المقاعد التي توفرها ما بين 40 ألف مقعد إلى 50 ألف مقعد.

ويرى الفردوس أن إنشاء حضانات عمومية مجانية لن يساعد فقط في المساهمة في تجويد مردودية مخطط تعميم التعليم الأولي؛ بل سيساعد أيضا على التمكين الاقتصادي للنساء، من خلال إدماجهن في سوق الشغل.

في هذا الإطار، نبه المسؤول الحكومي ذاته إلى الكلفة الاقتصادية الباهظة التي يؤديها المغرب جراء غياب المساواة بين الجنسين في سوق الشغل، مبرزا أن بلدنا إن نجح في تقوية مقاربة النوع الاجتماعي في المجال الاقتصادي سيتمكن من زيادة ناتجه الداخلي الإجمالي بنسبة 35 في المائة، أي ما يساوي 35 مليار أورو، واصفا هذا الربح بالمكافأة المقدسة “un sacré bonus”.

وتوقف الفردوس عند النتائج الدراسية التي تحققها الفتيات بناء على الأرقام الصادرة عن وزارة التربية الوطنية، والتي تشير إلى أن نتائج الإناث أفضل من نتائج الذكور بعشر نقاط في مستوى الباكالوريا، كما هو الحال خلال الموسم الدراسي 2019، حيث بلغ معدل نجاح الإناث 76 في المائة والذكور 66 في المائة، معتبرا أن هذه النتائج تعني أن هناك تحولات في المجتمع لجعل نصف الرأسمال البشري من النساء.

وفي مقابل هذا التحول الإيجابي، نبه المتحدث ذاته إلى أن تحول الرأسمال البشري نحو النساء يواكبه إشكال يتمثل في ضعف حضور النساء في سوق الشغل، “وهذا يتمثل انتحارا اقتصاديا”، على حد تعبيره، موضحا: “إذا كنا نعلّم ونكوّن الفتيات ولا نفعل شيئا من أجل إدماجهن في سوق الشغل فهذا مشكل”.

واستطرد وزير الثقافة والشباب والرياضة، خلال كلمته التي ألقاها في الندوة سالفة الذكر، أن الرهان الذي ينبغي أن يكسبه المغرب في غضون الثلاثين سنة المقبلة هو أن يتم تعويض الرجال الذين يشغلون اليوم المناصب في سوق الشغل، وهم أقل تكوينا في مجال اشتغالهم، بنساء صغيرات في السن وأكثر تكوينا وكفاءة.

وعلاقة بذلك، كشف الفردوس أن وزارة الشباب والرياضة وقعت اتفاقية مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ترمي إلى جعل الرياضة أداة بيداغوجية لنشر ثقافة مقاربة النوع في المجتمع المغربي، وذلك عن طريق تشجيع كرة القدم النسائية، حيث سيُخصص لهذا الورش غلاف مالي بقيمة 155 مليون درهم سنويا.

ويهدف هذا المشروع إلى تشجيع إجراء مقابلات في كرة القدم بين الإناث والذكور، وتشجيع الآباء والأمهات على تسجيل أطفالهم في النوادي الرياضية، وتوعية المدربين والأطر الرياضية على إعطاء الفرصة للفتيات، مضيفا: “بهذه الطريقة سنغير صورة المرأة في المجتمع، ولنا أن نتخيل كيف ستصير صورة المرأة لدى الشباب حين يخرج فريق من الذكور من مباراة في كرة القدم منهزما أمام فريق من الإناث”.

hespress.com