في تعبير واضح عن عدم استساغة الحكم الصادر عن القضاء في قضية فيديو “سيدة تطوان”، يستمر النسيج الحقوقي المغربي في شكواه من عدم القدرة على الانتصار لمنظومة حقوق الإنسان أكثر من تطبيق القوانين في صيغتها الحالية.

ورفض حقوقيون مغاربة معاقبة المرأة نفسها بالحبس النافذ والغرامة، مستحضرين كونها بدورها ضحية لنشر الفيديو الذي يمس حياتها الحميمية واختياراتها التي أصبحت متاحة للعموم من أجل العبث بها على مختلف منصات مواقع التواصل الاجتماعي.

ولا يرى حقوقيون في الفيديو المذكور أي إخلال بما يسمى “الآداب العامة”، حيث جرت الممارسة الحميمية في مكان خاص، معتبرين أن من يستوجب العقاب هو مصور الفيديو وناشره على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يتواجد حاليا خارج الأراضي المغربية.

وتنتشر مطالب كثيرة بضرورة استحضار القضاء لروح القانون وتفادي الانسياق وراء موجات الجلد الفيسبوكي، التي يتصدرها أحيانا فنانون وأشخاص معروفون على مواقع التواصل، يساهمون بشهرتهم في تجييش الرأي العام.

مراجعة غير مجدية

الحقوقي المغربي عبد الإله الخضري قال إن “مراجعة المنظومة في محاولة لجعلها أكثر إنصافا غير مجدية، وكل التعديلات التي جرت خلال العقود السابقة لم تزد الوضع إلا تفاقما، لذلك أعتقد أننا أمام معضلة أكبر وأعقد من مجرد تعديل هنا أو هناك”.

“الأزمة تكمن في فلسفة التقاضي ببلادنا وتركيبة منظومة العدالة (la configuration de la justice) التي ترتكز على قواعد باتت متجاوزة، بل مصدر اضطهاد وانتهاك مسترسل للحقوق. فكما يعلم الجميع، فالقضاء المغربي في منهجيته يرتكز على مساطر تكتنفها اختلالات”، يضيف المتحدث.

وتابع الخضري قائلا: “بمبدأ التفسير الضيق للقوانين، نجد أنفسنا نبتعد بشكل فضيع وممنهج عن تحقيق الإنصاف، فيما يجد ذوو المقاربة الانتهازية في مبدأ النسبية ضالتهم لتفادي الخوض في الإشكالية المطروحة، الطامة أن أي نازلة حينما تصبح قضية رأي عام، تزيد الوضع تعقيدا”.

وأورد أنه “لو كانت فتاة تطوان في دولة ذات نظام قضائي يحمي الحقوق أولا، فردية وجماعية، ويوفق بين واجب تطبيق القانون وحماية الحقوق، كالدول الاسكندنافية مثلا، لتمت حماية الفتاة من التشهير من خلال أمر قضائي بمنع نشر الشريط، ومتابعة الجاني الذي قام بنشره، وهنا تكمن إنسانية القضاء والمقاربة الحمائية للمواطن بدل الإمعان في تعذيبه”.

وشدد الخضري، في حديثه لهسبريس، على أن “الرؤية الحقوقية لا ينبغي اعتبارها نظرة من زاوية، بل يجب أن تكون أم النظرات والنظرة البانورامية التي تغطي الكل وتحمي الكل”.

قوانين متخلفة

محمد عبد الوهاب رفيقي، باحث متخصص في التراث الديني، اعتبر أنه “من العيب والعار في مغرب 2021 أن يعتقل الناس من أجل قضاء لحظات حميمية في مكان سري ومغلق”، مشيرا إلى أنه غير معني بمنطق الحلال والحرام في هذا الأمر، “فذلك شأنها”.

وأضاف رفيقي، في حديث لهسبريس، أن “المصيبة هي ترك المجرم الحقيقي، الذي صور لقطة عادية يمارسها جميع الناس داخل إطار الزواج وخارجه”، مسجلا أن “الفيديو سبب مأساة إنسانية للمرأة، وزاد القضاء الطين بلة، وكأن الفضيحة لا تكفي”.

وأوضح المتحدث أن “جيوشا من (الملائكة الطاهرين) يشتمونها في العلن ويتفرجون عليها في السر، مطالبين بالاعتقال”، وزاد: “عيب أن القوانين المغربية تقتحم على الناس خلوتهم وتحاسبهم على أعضائهم التناسلية”، مطالبا بـ”تغيير هذه القوانين المتخلفة”.

hespress.com