مسارات متفرقة رسمتها الوجوه الشبابية البارزة لحركة 20 فبراير، فبين الهجرة والطموحات الشخصية، اتجهت أحلام جيل واسع بالتغيير إلى الانحسار، كما قلت حيوية التنظيم العفوي، واستقر به الحال إلى نوستالجيا جميلة في الأذهان.
وتفرقت السبل بعديد الوجوه التي جمعتها حانات ومقاهي العاصمتين الإدارية والاقتصادية، إذ اختار كثيرون الهجرة لإتمام الدراسة بالخارج، ثم استقر بهم الحال هناك، فيما التحق البعض بالأحزاب، ومر البعض الآخر “صحافيا” بعد انسداد الأفق.
وعرف الحراك الفبرايري بمد شبابي واسع من المنتمين إلى الشبيبات الحزبية أو المستقلين، الذين خاضوا بدورهم سجالات حادة وسط المقرات، لتبقى محتفظة بالأصداء دون أجوبة عن مستقبل الطموحات التي تفجرت في المغرب ذات 20 فبراير.
تحولات إنسانية وسياسية
خالد البكاري، أحد أبرز وجوه حركة 20 فبراير بالدار البيضاء، أورد أن فضل 20 فبراير عليه مرتبط بالدرجة الأولى بإعادة الروح والطموح إلى الرجل، مؤكدا أنه قبل هذا التاريخ انسحب تماما من العمل السياسي والمدني بعد فترة يأس كبير.
وأضاف البكاري، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه تجاوز المرحلة التي اهتم فيها بما هو أكاديمي فقط، وزاد: “حلم المطالب مازال قائما على الدوام، خصوصا في ما يتعلق بالحرية الاقتصادية والسياسية والإعلامية”، مسجلا أن شروط استئناف الحراك قائمة دائما.
وأوضح المتحدث ذاته أن متغيرات عدة طبعت الفترة السابقة، وبالتالي فالاحتجاج انتقل من المطالب السياسية إلى الاجتماعية، والمجالية، مثل ما وقع في الريف وجرادة، معتبرا أنه بعد التشنج الحاصل لا بد من الانفراج مستقبلا.
وأضاف أستاذ علوم التربية أن التاريخ يبرز هذا مع انتفاضات 1965 و1981 و1984 والتسعينيات، مشددا على أهمية تقديم عرض سياسي وحقوقي جديد، والاشتغال بسياسة تفاعلية بين الجميع، مع التخلي عن المقاربة الأمنية.
مكاسب متعددة
عبد الله بوشطارت، الأستاذ الباحث في التاريخ، اعتبر أن ما حققته حركة عشرين فبراير بالمغرب في ما يتعلق بالقضية الأمازيغية يعتبر حاسما في تاريخ نضالات وتضحيات الأمازيغ، إذ حققوا في تلك الانتفاضة أهم مطلب في رزنامة مطالبهم، ويتمثل في ترسيم اللغة الأمازيغية.
وأضاف بوشطارت أن ترسيم هذا المطلب لم يكن ليتحقق لولا فضل نضالات حركة 20 فبراير، بسبب بنية الدولة المغربية وشبكة أحزابها التي تهيمن عليها إيديولوجية العروبة والإسلام؛ وهذا ما تجلى في تنزيل ترسيم الأمازيغية، إذ اصطدم بمتاريس الأحزاب داخل البرلمان والحكومة.
وأوضح المتحدث ذاته أن ما حققته حركة 20 فبراير من مكتسبات بدأ في مجمله في التلاشي منذ الحكومة الأولى للإسلاميين، فقد عادت منظومة السلطوية تشتغل، ونجحت في استرجاع مساحات مهمة لصالحها، فتقلصت مساحة الحرية وحقوق الإنسان.
وأهم الحقوق التي تراجعت، وفق المتحدث، حرية التعبير والحريات السياسية في خلق وتأسيس الأحزاب الجديدة بمرجعيات مختلفة مناقضة للمرجعيات المهيمنة سياسيا وثقافيا؛ “فالدستور جاء بترسيم الأمازيغية، لكنه قيد حرية تأسيس الأحزاب بمرجعية أمازيغية ثقافية، ما يعني أن تطبيقه وتنزيله تم بنفس المنطق والتوجهات السياسية الكبرى لدستور 1996″، وفق تعبيره.