قالت جمعية حماية الأسرة المغربية إن “الوطن تحول إلى أرض للحياة يقطنها المواطن بتذمر كبير وغضب عارم ورغبة متنامية في المغادرة، ما أفرز تنامي ظواهر وسلوكيات تغذي روح الانهزامية في مواجهة التحديات وتخلق ممارسات انحرافية تهدد استقرار وتوازن المجتمع”.

وأشارت الجمعية ذاتها، في بلاغ لها، إلى أنها تسعى سعيا حثيثا من أجل تحقيق شعارها “مواطن مسؤول، أسرة مستقرة، مجتمع متوازن”، وتنزيله على أرض الواقع، مسجّلة “التنامي المطرد للظواهر السلبية بالبلاد، والمتمثلة في تعمق فقدان الثقة في الوطن وتآكل الرصيد القيمي المشترك الذي يؤدي إلى تقليص مساحات العيش المشترك”.

وذكر البلاغ بـ”الأوضاع المقلقة المرتبطة بجائحة كورونا التي أصابت العالم، ونزلت بثقلها على بنية هشة لتفجر المسكوت عنه وتقوم بتعرية الواقع المرير للمعيش اليومي للمواطن المغربي، ولتضيف إلى معاناته وتسلط الضوء على هشاشة المؤسسات المسؤولة، معينة كانت أو منتخبة، ليبرز مدى ضعف القدرة على المبادرة واستشراف المستقبل القريب والبعيد لوضع التصورات المناسبة واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة المجهول”.

وسجلت الهيئة ذاتها، في بلاغها، “ضعف الانتماء الهوياتي وتعمق الإحساس العام بالظلم والدونية والاحتقار، وتقزيم الانتماء إلى الوطن وتقوية الانتماءات الأخرى التي قد تكون جهوية مرتبطة بهوية ثقافية أو ترابية، غالبا ما تكون على مستوى جهوي، أو عابرة لحدود الوطن، فتحول الوطن إلى أرض يستقر بها بتذمر كبير كل عاجز عن مغادرته، مع التعبير عن عدم الرضا والغضب العارم والرغبة الملحة في المغادرة”.

وأشارت جمعية حماية الأسرة المغربية إلى “تراجع الثقة في المؤسسات السياسية بشكل عام، بما فيها الأحزاب والهيئات المنتخبة التي أبانت عن قصورها في تدبير المرحلة، وعن عدم قدرتها على مواجهة السلبيات نظرا لهشاشتها، وإفراغ العملية الديمقراطية من محتواها بسبب طبيعة تعامل المنتخبين والناخبين مع قضايا المواطنين بشكل عام”، مضيفة أن “ما زاد من هشاشة هذه المؤسسات تفشي الأمية الأبجدية والفكرية والتاريخية والسياسية، وتعمق النزعات الوصولية والذاتية واستعمال أساليب بعيدة كل البعد عن تحقيق الديمقراطية المنشودة”.

وأمام هذا الوضع، يضيف البلاغ، “فإن جمعية حماية الأسرة المغربية تسجل الزخم المؤسساتي الكبير وتكاثر المؤسسات الموكول لها مبدئيا البحث والتنقيب عن حلول كفيلة بتدبير الأزمات وتطوير النظريات لتحقيق تغيير جذري إيجابي في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالبلاد، إلا أنها تلاحظ بكل أسف عدم قيام هذه المؤسسات بدورها، ما يجعلها عالة على الدولة بكل التكلفة المالية التي تترتب عنها عوض أن تكون آلية للمساعدة على اقتراح الحلول الناجعة والعمل على تنفيذها بهدف تحقيق رفاه المواطن وتعزيز الإحساس بالانتماء”.

كما أكدت الجمعية أن “كل غاية إصلاحية لا يمكن تحقيقها إلا بتوفير آلياتها، ولن يتأتى الإصلاح المنشود إلا بالتركيز على بناء الإنسان والاستثمار فيه، على اعتبار أن هذا النوع من الاستثمار هو الآلية الرئيسية الكفيلة بتمكين التوصل للإصلاح المتمثل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس على رفاه الفرد واستقرار المجتمع”.

ودعت الهيئة المدنية إلى “التركيز على المدرسة بصفتها المؤسسة المتخصصة الرئيسية في التنشئة الاجتماعية”، وإلى “إعادة النظر جذريا في السياسة التعليمية الحالية للقطع مع مدرسة اليأس والفشل والوصول إلى تعليم بمفاهيم مواطناتية تؤهل المتعلم للممارسة المسؤولة للمواطنة، وبمضامين قيمية كفيلة بإنتاج مجتمع متماسك تتحقق فيه العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وتحصن الفرد أمام الانزلاقات الفردية والجماعية”.

كما جاء ضمن البلاغ أن “الجمعية تؤكد على ضرورة القضاء على الأمية بمختلف الوسائل الممكنة، مع التركيز على المضامين القيمية والفكرية والمواطناتية، وابتداع أساليب جديدة تمكن من التغلب على الأمية الأبجدية والوظيفية على السواء، وتؤهل المواطن لممارسة مواطنته بشكل قويم كما تقلص من كلفة هذه الآفة بسبب ما تخلفه من آثار وخيمة على المجتمع”.

hespress.com