يرجعُ يوسف الطّويل، الخبير في التّنمية الذّاتية، أسباب انتشار ظاهرة “البّيدوفيليا” في الأوساطِ المغربيّة إلى غياب ترسانة قانونية رادعة وصارمة إلى جانب دور الأسرة في حماية الطّفل، مما يجعل هناك جرأة كبيرة من طرف الجاني الذي يكون في الغالب مجرما “تسلسليا”.

وفي ما يخصّ دور الدّولة، يشرح الطويل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ “الترسانة القانونية ضعيفة جدا وغير كافية ومتسامحة أيضا، فعلى القانون المغربي أن يكون صارما في عقوبة اللواط والمتربصين بالأطفال والحكم بأشد العقوبات على المتحرشين”، مبرزاً أنّ “جريمة الاغتصاب ثم القتل من المفترض أن تكون عقوبتها الإعدام، لردع كل من سولت له نفسه بارتكاب الجرم. أما إذا ظلت القوانين المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 484 و485 و486 من القانون الجنائي كما عليه الآن فهي في حد ذاتها تعاون مع الجاني وتشجيعه على تكرارها”.

وينصّ الفصلان 484 و485 من القانون الجنائي على أنّه “يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات من هتك بدون عنف أو حاول هتك عرض قاصر يقل عمره عن ثمان عشرة سنة أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية، سواء كان ذكرا أو أنثى”. كما “يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات من هتك أو حاول هتك عرض أي شخص ذكرا كان أو أنثى، مع استعمال العنف؛ غير أنه إذا كان المجني عليه طفل تقل سنه عن ثمان عشرة سنة أو كان عاجزا أو معاقا أو معروفا بضعف قواه العقلية، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة.

وينتقل الخبير في التّنمية الذّاتية في تحليله إلى دور المجتمع، حيث يبقى “المجتمع المغربي متسامحا، مجتمع لا يبالي باغتصابات الحلقتين الضعيفتين؛ وهي المرأة والطفل… وخير دليل على ذلك قصة سفاح تارودانت، الذي كان يستدرج أطفال الشوارع إلى منزله فلا يخرجون منه أبدا إلا وهم موتى بعد الاغتصاب؛ فقد كان الجيران على علم بذلك، ولم يتجرأ أحد على التبليغ أو إيقاف الجرائم الشنعاء الذي كان يرتكبها”.

ويتوقّف المتخصّص في التّنمية الذّاتية عند قضية إكرام وتنازل الأب عن متابعة الجاني وقضايا عديدة كان التسامح قاسما مشتركا بينها، مؤكّداً أن “المجتمع المغربي غير متسامح مع اللصوص فقد يصل الأمر إلى تعذيب السّارق قبل تسليمه إلى السلطات لأجل ماذا؟ لأجل المال، متسائلا في هذا الصّدد: “أو ليس الإنسان أسبق من المال؟ كما جاء على لسان أنطوني بوردان في إحدى حلقاته بمدينة طنجة (أن الأوروبيين والأمريكيين يأتون إلى المغرب لأجل الأطفال؛ لأن المجتمع المغربي متسامح يعيش اللامبالاة في موضوع اغتصاب الأطفال).

ويرى الطّويل في التّصريح ذاته أنّ “قضايا “البّيدوفيليا” يفترض أن تكون من القضايا الأولى لدى الشعوب العربية كما هو الحال في الغرب، وتغيير نظرة المجتمعات حول اللواط معتبرين إياهم أعداء الإنسانية وأعداء الأمة”.

ثم يأتي دور الأسرة، يشدّد الطّويل، مبرزا أنّها تمثّل “الخط الأول في حماية الطفل وحثه على أن العالم الخارجي هو شرير في وجه بريء”، مطالباً الأسر بأن تستمر في توعية أطفالها بشأن مخاطر الغرباء وكذلك تجنب (بوس عمي) مهما كانت صلة القرابة أو المعرفة، قد تكون أولى الخطوات نحو الجريمة، فالتعود على تقبيل الأطفال من طرف الجميع هو في حد ذاتها فتح باب الاعتداء.

ويسترسلُ الباحث ذاته قائلا: “على الفرد والمجتمع المغربي أن يكونا يداً واحدة من أجل وضع قانون جديد عسى أن يكون الطفل عدنان بوشوف آخر ضحية؛ وأن تكون عقوبة المجرم عبرة للآخرين، وعلى الفرد والمجتمع أن يعيا بأن قضية عدنان والقضايا الشبيهة لها هي ليست فقط قضية الجمعيات والمنظمات الحقوقية، وأن يطالبا من المشرعّ المغربي وضع قانون مغلظ مثل برنامج (الذل بعد العقوبة الحبسية) وهو برنامج تضعه الدول المتقدمة للحد من انتشار “البّيدوفيليا””.

hespress.com