يتساءل بعض المواطنين عن الإرشادات الطبية والعلمية بخصوص الإجراءات الحاجزية بعد الاستفادة من التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد، داخل المجتمع بشكل عام، أو بين الأشخاص الذين خضعوا للتطعيم.
الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، أجاب عن هذا التساؤل قائلا إن “الالتزام بالإجراءات الحاجزية، من ارتداء للكمامات وتباعد وتطهير لليدين وتجنب للازدحام وتهوية للأماكن المغلقة، ضرورة طبية يجب مواصلة الالتزام بها من طرف الجميع: ملقحين وغير ملقحين بعد، إلى حين تأمين مناعة جماعية”.
وأوضح حمضي أنه بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من أخذ الجرعة الثانية، يحصل جل الملقحين على مناعة ضد “كوفيد-19″، مضيفا أن “هذا غير كاف لأن يتخلى الملقحون عن الإجراءات الحاجزية، سواء أثناء لقائهم بأناس غير ملقحين أو ملقحين مثلهم”.
وقال الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية: “نعرف اليوم من خلال نتائج الدراسات السريرية أن اللقاحات تعطي نسب فعالية عالية جدا ضد المرض، لكنها لا تصل الى 100 بالمائة”.
وأضاف متسائلا: “لكن ما لا نعرفه إلى حد اليوم، هو هل من الممكن أن ينقل الملقحون الفيروس إلى المحيطين بهم أم لا؟”، موردا أن “أغلب الدراسات السريرية لم تبحث هذا الأمر بعد. باحثو جامعة أوكسفورد وأسترازينيكا أجروا جزءا من هذه التجارب خلال دراسات المرحلة الثالثة، ولكن النتائج ما زالت أولية”.
لذلك، شدد الطبيب حمضي على الالتزام بالإجراءات الحاجزية لتجنب نقل الفيروس أو الإصابة به أثناء الاختلاط، حتى لو تعلق الأمر بلقاء بين أفراد كلهم ملقحين.
وتابع قائلا: “من الخطأ الاعتقاد أن الشخص الملقح حتى وإن نقل الفيروس إلى شخص آخر ملقح، فالأخير في نهاية المطاف له حماية ضد الاحتمالات الخطرة، أو لا يشكل خطرا وبائيا”.
وأوضح حمضي أن “أغلب اللقاحات الموجودة إلى حد اليوم توفر حماية قد تصل إلى ما يناهز 100 بالمائة ضد الحالات الخطرة من كوفيد-19، أي إنه حتى الذين تلقحوا ولم تطور أجسامهم مناعة كافية لحمايتهم من الإصابة بكوفيد، فهم رغم إصابتهم المفترضة بالفيروس لن يصابوا بالأشكال الخطيرة من المرض”.
وأردف مستدركا: “لكن استمرار الوقاية ضروري، أولا فهذه النسبة ليست موحدة بالنسبة لجميع اللقاحات”.
وشرح ذلك بالقول: “في دراسات موديرنا مثلا، أصيب 30 متطوعا بكوفيد-19 بحالات خطرة، كلهم من المتطوعين الذين تلقوا اللقاح الوهمي وليس الحقيقي، وفي دراسات لقاح أسترازينيكا سجلت 10 حالات خطرة، كلها بين المتطوعين الذين تلقوا اللقاح الوهمي، لكن بالنسبة للقاح فايزر سجلت 10 حالات خطرة، 9 منها بين المتطوعين الدين تلقوا اللقاح الوهمي وحالة واحدة لدى متطوع تلقى اللقاح الحقيقي”.
وتابع: “من الناحية الوبائية، رهان حربنا ضد الوباء هو تكسير سلاسل تفشي الفيروس وتوقيفه وعدم إعطائه أي فرصة للانتقال بين الناس، وكل شخص حامل للفيروس هو مشكلة وتحد وبائيان مهما اتخذ من احتياطات”.
وأثار حمضي “احتمال ظهور سلالة جديدة أكثر شراسة أو لا تنفع معها اللقاحات المستعملة بنفس درجة الفعالية، وبالتالي لا تنفع معها المناعة التي حصل عليها من تعرضوا للمرض سابقا ولا الذين حصلوا عليها بفضل اللقاح. هذا السيناريو للأسف ليس احتمالا نظريا فقط، بل نسارع الزمن لكيلا يتحقق”، يحذر الطبيب حمضي.