حلت الجائحة الناجمة عن كورونا على حين غرة من البشرية، ودون سابق إنذار، فغيرت أنماط العيش، وأبدلت اليقين حيرة، بل كانت وراء إقحام مصطلحات غامضة ومبهمة في التداول اليومي؛ من قبيل “فيروس كورونا”، أو “بؤرة”، أو “حظر التجوال”، أو حتى “الحجر الصحي”.
وبعد سنة مليئة بالتحديات والتقلبات، يبدو أن الوضع أصبح آمنا وبات التعايش مع الفيروس أسهل من السابق؛ غير أن تجنب جولة ثانية من الحجر الصحي يستلزم بالضرورة احترام التدابير الوقائية، لا سيما أن بصيص الأمل بات يلوح في نهاية النفق.
ويرى بعض المراقبين أن هذه التدابير المسؤولة التي انخرط فيها الأشخاص منذ تسجيل الإصابة الأولى لـ”كوفيد-19″، ورغم بساطتها، بدأ يطالها التراخي، حيث لا ندرك أننا في حالة طوارئ إلا بحلول الظلام، مع حظر التجوال وإغلاق المحلات التجارية.
إلى جانب ذلك، ومع وصول الجرعات الأولى من لقاح “أسترازينكا” البريطاني، في 22 يناير المنصرم، وتلقي أول دفعة من لقاح “سينوفارم” الصيني، أياما قليلة بعد ذلك، بالإضافة إلى تراجع حصيلة الإصابات اليومية، لوحظ تراخ في الالتزام بالإجراءات الاحترازية في مدن عديدة بالمملكة.
هذا المناخ المتوتر الذي خاض فيه العالم لأكثر من سنة، وتتخلله تهديدات دائمة بالعودة إلى الحجر الصحي، وضرورة مراقبة التدابير الوقائية على نحو مستمر، هو بالتأكيد أمر لا يطاق. ويبدو أن الأمل في العودة إلى الحياة الطبيعية وارد اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولكن من السابق لأوانه البدء بتأبين الفيروس.
وفي هذا الإطار، حذر البروفيسور طارق دندان، طبيب الإنعاش بالمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط، من “التراخي في تطبيق التدابير الوقائية الرامية إلى الوقاية من فيروس كورونا، والذي بدأت بوادره قبل اليوم؛ لكنه تفاقم بعد تلقي اللقاح الأول”، لافتا إلى أن هذا الموقف ناتج عن الإرهاق العام المرتبط بالقيود المتوالية ومناخ اللايقين.
وشدد البروفيسور دندان، الذي يعتبر هذه التدابير الحاجزية الوسيلة الوحيدة “للحيلولة دون العودة إلى الحجر الصحي، خاصة أننا لسنا مستعدين للعواقب الاجتماعية والاقتصادية الكارثية لهذا الإجراء”، على أنه “ينبغي أن نتحلى باليقظة ونستمر في احترام التدابير الوقائية؛ لأننا لسنا في مأمن من موجة جديدة، لا سيما بعد ظهور السلالة المتحورة لـ(كوفيد-19)، التي تنتشر بشكل كبير”.
وبعد إشادته بـ”الجهود الجبارة” التي تبذلها السلطات المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، بهدف تمكين المواطنين والأجانب المقيمين في المملكة من الولوج السريع والسهل إلى لقاح “كوفيد-19″، أكد المتخصص، في تصريح صحافي، الحاجة إلى التلقيح من أجل اكتساب مناعة جماعية لن تتحقق إلا بعد تلقيح 80 في المائة من الساكنة.
وأشار طبيب الإنعاش بالمستشفى الجامعي ابن سينا إلى أنه “طال الشعور بالإرهاق الطاقم الطبي والمسعفين والمواطنين كافة؛ لكن ليس لدينا خيار آخر سوى المقاومة من خلال الوقاية، أو الاستسلام وتحمل عواقب أكثر خطورة”، داعيا جميع المواطنين إلى “أن يظلوا يقظين لأطول فترة ممكنة، وأن يحترموا تدابير الوقاية من الفيروس أثناء التلقيح؛ لأنه ثبتت فعالية اللقاح، والنتائج الأولية تبعث على تفاؤل كبير”.