لقيت الحملة التحسيسية للتوعية ضد تسول الأطفال، التي أطلقتها جمعية “جود” لرعاية المتشردين، ترحيبا لافتا، حيث اعتبر كثير من المتفاعلين معها عبر منصات التواصل الاجتماعي أنها ستشكل منطلقا للحد من ظاهرة استغلال الأطفال في التسول بالمغرب.
في المقابل، دعا متفاعلون آخرون إلى توفير بدائل للأطفال الذين يضطرون إلى التسول بسبب الظروف الاجتماعية السيئة لأسرهم، منبهين إلى أن عددا من الأطفال يخرجون إلى الشارع للتسول أو بيع أشياء بسيطة مثل المناديل الورقية خلال العطل المدرسية لتوفير مال لشراء الكتب واللوازم المدرسية، أو لمساعدة أسرهم الفقيرة.
واختارت جمعية “جود” للحملة التحسيسية للتوعية ضد تسول الأطفال شعار “الخير لي دّير فيه… هو ما تعطيش”، وذلك بهدف حث المواطنين على عدم التصدق على الأطفال المتسولين، الذين يتم استغلال فئة كبيرة منهم في التسول إما من طرف أمهاتهم وآبائهم وإما من طرف أشخاص غرباء يستأجرونهم للغرض ذاته.
وتشهد مختلف المدن المغربية في السنوات الأخيرة تناميا متزايدا لظاهرة تسول الأطفال في غياب أي أرقام رسمية حول عددهم، ويتزايد استغلالهم في التسول باعتبارهم “وسيلة” مؤثرة لاستدرار عطف المحسنين، غير أن جمعية “جود” تنبه إلى أن هؤلاء الأطفال يتم استغلالهم من طرف والديهم، وكذلك من الأشخاص الذين اتخذوا من التسول “حرفة رسمية”.
وعلاوة على أن الأطفال المستَغلّين في التسول يعيشون في ظروف مزرية؛ إذ يقضون ساعات طوالا في الشارع معرضين للجوع ولكل أنواع المخاطر، فإنهم أيضا يحرمون من طرف مستغِلّيهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، وفي مقدمتها الحق في التعليم، ما يجعلهم مشاريع أشخاص في وضعية الشارع عندما يكبرون.
واعتبرت جمعية “جود” أن تعليم الأطفال الصغار مدَّ أيديهم إلى الناس من أجل تسول الصدقات “جريمة”، داعية المواطنات والمواطنين إلى عدم المساهمة في هذه “الجريمة”، وذلك بالامتناع عن تقديم أي مساعدة سواء للأطفال المتسولين أو الكبار الذين يستغلونهم في التسول من أجل استدرار عاطفة المحسنين.
وقالت هند العايدي، رئيسة ومؤسسة جمعية جود لرعاية المتشردين، التي تقوم بأنشطة في خمس مدن مغربية، إن الأطفال الصغار الذي يُستغلون في التسول يخلّفون تعاطفا لدى الناس، فيبادرون إلى منحهم مساعدات مالية، غير أن تقديم المال لهؤلاء الأطفال، تضيف المتحدثة، تكون له تبعات سلبية على مستقبلهم، لأن ذلك المال لا يذهب إلى جيوب الأطفال بل إلى جيوب مَن يتسغلونهم في التسول.
وفي الأرضية التي مهّدت بها جمعية “جود” لحملتها التحسيسية للتوعية ضد تسول الأطفال، أكدت أن الطفل ليس من مسؤوليته أن “يضمن رزق الكبار”، بينما قالت هدى العايدي، في تصريح لهسبريس، إن الأشخاص الذين يستغلون الأطفال الصغار في التسول يكسبون دخلا مهما يصل إلى 350 درهما في اليوم.
ونبهت المتحدثة إلى أن تداعيات استغلال الأطفال في التسول لا تنعكس فقط على حاضرهم، بل على مستقبلهم أيضا، ذلك أنهم عندما يكبرون يصيرون بدورهم متسولين ومشردين، داعية المغاربة إلى “منح المساعدات لمَن يستحقها، والكف عن منحها للأشخاص المستغلين للأطفال في التسول، والذين يصل دخْلهم يوم الجمعة إلى 800 درهم”، على حد تعبيرها.
[embedded content]