قال نجيب گديرة، الخبير الدولي في القضايا الاجتماعية المدير السابق لوكالة التنمية الاجتماعية، إن هناك حاجة ماسة إلى إجبارية الخارطة الصحية (La carte sanitaire)، حتى يتسنى لوزارة الصحة أن تبسط وصايتها على القطاع الصحي بشقّيه العام والخاص.
وكشف گديرة في مقابلة بثها معهد السياسات من أجل الجنوب الجديد، مساء الثلاثاء، أن لوبيات القطاع الصحي الخاص في البرلمان ضغطت بقوة عندما صدر مشروع القانون المؤسس لإدماج القطاع الخاص تحت وصاية وزارة الصحة، ما حال دون تحقق هذه الغاية.
ودعا المتحدث إلى فرض إجبارية الخارطة الصحية، باعتبارها آلية مهمة لتجاوز التفاوتات التي يعرفها القطاع الصحي بالمغرب، سواء على مستوى وفرة المنشآت الصحية أو على مستوى الأطباء، من أجل تحقيق عدالة مجالية على صعيد توفير الرعاية الصحية للمواطنين.
وأضاف أن فرض وصاية الصحة على القطاع الصحي الخاص، سيمكّن من توزيع الأطباء على مختلف الجهات حسب حاجياتها، عوض أن يتمركزوا في جهات قليلة في الوقت الذي تعاني فيه جهات أخرى من خصاص كبير.
وتوقف المتحدث عند أهم الاختلالات التي يعاني منها القطاع الصحي العمومي، وفي مقدمتها قلة الأطر الصحية من أطباء وممرضين، وإشكالية غياب الحكامة في المؤسسات الصحية، حيث لا يتم تدبير مواردها بشكل عقلاني.
وأوضح أنه لما كان يشتغل مع وزارة الصحية ومع منظمة الصحة العالمية، لاحظ أثناء زيارته إلى المستشفيات وجود تجهيزات طبية غير مستعملة، “إما لغياب التقنيين لصيانتها، أو لأن العاملين ما عندهم غرض، وكيشوفو أنها غادي غير تزيدهم خدمة”.
وأشار گديرة إلى أن من بين الاختلالات المتعلقة بالحكامة التي يعاني منها القطاع العام، استفادة مواطنين لديهم إمكانيات للدفع دون استخلاص مصاريف العلاج منهم، مبرزا أنه وقف عند هذا الخلل عندما تلقى العلاج مرتين في مستشفى عمومي، حيث اكتشف عندما همّ بالأداء غياب ملفات تتبع استشفاء المرضى وغياب الفوْترة.
وانتقد الخبير الدولي في القضايا الاجتماعية برمجة عمل أطباء القطاع العام في المستشفيات العمومية، معتبرا أن عملهم يجب أن يكون بدوام كامل وليس فقط في الفترة الصباحية، كما انتقد عمل أطباء القطاع العام في القطاع الخاص، لافتا إلى أنه لا يؤثر سلبا فقط على المرضى بل على تكوين الطلبة الأطباء أيضا.
من جهة ثانية، قال الخبير المغربي إن ورش الحماية الاجتماعية يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للمغرب، ويعتبر لبنة أساسية لتحقيق التنمية البشرية والاقتصادية، لكنه نبّه إلى تفعيل هذا الورش “لأن عدم تنفيذ الإصلاحات المقررة يخلّف سوء رضا لدى المواطنين، كما هو الحال بالنسبة لنظام راميد، ويخلق خللا في نظام الثقة بين المواطن والمؤسسات”.
وأردف أن أولى التحديات التي ستواجه تفعيل نظام الحماية الاجتماعية، هي التمويل، مشددا على أن هذا الجانب لا ينبغي أن يكون عائقا، “لأن هناك جدلية بين التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية، وإذا تحمّلت الدولة اليوم تكاليف الحماية الاجتماعية فسوف يكون المواطن في المستقبل فاعلا اقتصاديا يساهم في تقوية التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.