
السبت 05 شتنبر 2020 – 22:00
دعا الطيب حَمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، إلى خلق تباعد زمني مع الدول الأوربية بتغيير تاريخ الدخول المدرسي الحضوري من الـ7 شتنبر إلى 14 أو 21 من الشهر نفسه، وذلك من أجل تجنيب المملكة الاحتمالات السيئة، رغم ضعف نسبة حدوثها، ورأفة بمنظومتنا الصحية، وتجنبا لقفزة في الفراغ.
واقترح الباحث في السياسات والنظم الصحية، ضمن ورقة بحثية، تغيير تاريخ الدخول المدرسي الحضوري من 7 إلى 14 أو 21 شتنبر، أي خلق تباعد زمني مع الدول الأوروبية مدته أسبوعان أو ثلاثة أسابيع.
ويرى الدكتور حمضي أن “هذا القرار من شأنه أن يحمي المدارس والبلاد من سيناريوهات واحتمالات مأساوية، ولو مجرد احتمالات حتى لو كانت ضعيفة، وستكون تلك الأسابيع القليلة صمام أمان بيد بلادنا عند بداية الدخول المدرسي وطيلة فترة الموسم، نستعملها عند الضرورة كإجراءات استباقية مستفيدين من تجارب وتطور مسار الوباء عند غيرنا الذين سبقونا تماما كما استفدنا منهم في بداية الوباء، وتجنبنا المآسي التي عاشوها ولم نعشها نحن، هذا التباعد الزمني سنستعمله للتعويض عن النقص الذي تعانيه منظومتنا الصحية”.
وأضاف الباحث أن “الهدف من هذا الإجراء ليس انتظار تحسن الحالة الوبائية، ولا تعليق الدخول المدرسي بسبب الحالة الوبائية، لأن الوضع سيظل غير مستقر لعدة أشهر أخرى، ولكن لإعطاء الدول الأوروبية السبق علينا في الدخول المدرسي، وبالتالي الاستفادة من هذا الفرق الزمني”.
وأورد الطبيب ذاته أن “الدراسات والمعطيات العلمية المتوفرة لحد اليوم تعطينا كثيرا من الاطمئنان في ما يخص تأثير كوفيد-19 على الأطفال، وتعطينا-بشروط-اطمئنانا حذرا فيما يخص تأثير فتح المدارس على نقل الفيروس للأسر أو تفشي الوباء داخل المجتمع”.
وشدد المصدر ذاته أن “هذا الاطمئنان يُمَكننا من فتح المدارس لكن بشروط صحية صارمة، حتى لا تكون هناك مغامرة، وبالإضافة إلى احترام الشروط الحاجزية، يجب أن نتوفر على قدرة كبيرة على الكشف والتتبع والرصد والمتابعة الفورية، وبالتالي قدرة مهمة على التوقع والاستباق واحتواء الأوضاع الوبائية الطارئة المفاجئة في بدايتها”.
وأضاف أن “الدول الأوروبية في مجملها، اكتسبت قدرة كبيرة على الكشف ورد الفعل السريعين، كما أن لها قدرة مهمة على احتواء الأوضاع إذا ما تبين أن المدارس تساهم في تعقيد الحالة الوبائية عكس منظومتنا الصحية، فبسبب ضعف الإمكانات المادية والبشرية والأجهزة والمختبرات، فإن قدرة الكشف لا تتعدى 20 ألفا في اليوم، ليست لها نفس القدرة على المواكبة الآنية والرصد عن كثب ورد الفعل السريع لاستباق الأسوأ، وليست لها نفس القدرة على احتواء الأوضاع في بدايتها في حال تعقد الوضع الوبائي”.
لذلك، فإن فرق أسبوعين أو ثلاثة بيننا وبين الدول الأخرى، يقول الطيب حمضي، “سيمكننا من تعويض هذا النقص نوعا ما من خلال الاستفادة من أخطاء، كما من نجاحات، من سبقونا بأقل تكلفة، وحتى إذا تبين في الدول الأخرى أن هناك تعقيدات في شهري نونبر ودجنبر مثلا، وظهرت ملامح ضرورة وقف التعليم الحضوري، يكون، هنا ببلادنا، في جعبتنا أسبوعان أو ثلاثة استباقية تجنبنا السيناريوهات السيئة قبل الوصول إليها أو الاقتراب منها”.
واستحضر حمضي بداية الوباء، لما وصل الفيروس إلى تلك الدول أسابيع قليلة قبل تسجيل إصابات بالمغرب واتخذ المغرب قرارات استباقية بأسبوع أو اثنين مستفيدا مما وقع هناك، “جنبت بلادنا كارثة حقيقية، في الوقت الذي سجلت تلك الدول تقريبا 30 ألف وفاة كمعدل وطني، بينما سجلنا نحن حوالي 200 في نفس المدة بفضل الإجراءات الاستباقية وبفضل الأسبوعين أو الثلاثة بيننا كفرق”.