لم تفلح دعوة وزير التربية الوطنية للهيئات الممثلة لجمعيات آباء وأمهات التلاميذ إلى التوسط لتجاوز الخلاف القائم بين الأسَر التي يتمدرس أبناؤها في هذه المدارس من جهة، وأرباب هذه المدارس من جهة ثانية، في تقريب وجهات النظر بين الطرفين؛ بل إن الخلاف بينهما وصل إلى القضاء.

ففي الوقت الذي عمدت فيه إحدى مؤسسات التعليم الخصوصية إلى رفع شكاية ضد أولياء تلاميذ يدرسون لديها، متهمة إياهم بقرصنة أرقام هواتف مسيريها، وتحريض زملائهم على عدم أداء واجبات تمدرس أبنائهم، ردّت مجموعة اتحاد آباء وأمهات وأولياء تلاميذ مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب بتكليف فريق من المحامين من أعضائها لمؤازرة الآباء المشتكى بهم، كما تستعد لرفع دعاوى أخرى ضد المدارس الخاصة تتعلق بواجبات التمدرس.

وقال محمد النحيلي، المنسق الوطني للمجموعة سالفة الذكر، إن هذا الإطار الذي يضم آلاف الأمهات والآباء سيرفع دعاوى قضائية، عبر المحامين من أعضائه، ضد أرباب المدارس الخاصة الذين يريدون إجبار الأسر على أداء واجبات التمدرس خلال الفترة التي توقفت فيها الدراسة بسبب الحجر الصحي، بداعي أن التلاميذ لم يستفيدوا من كل الخدمات المنصوص عليها في العقد الذي يجمعهم بالمدارس.

وقال النحيلي، في تصريح لهسبريس، إن “هناك خروقات كثيرة ترتكبها مؤسسات التعليم الخاصة، مثلما فعلت إحدى المدارس التي لجأت إلى أخذ شيكات على سبيل الضمان من أسر التلاميذ المسجلين لديها، ودفعتها إلى البنك واستخلصت واجبات التمدرس في فترة الحجر الصحي، وهذه معاملة غير قانونية، ونحن سنواجه مثل هذه التصرفات أمام القضاء”.

واشتدّ الخلاف بين أرباب مؤسسات التعليم الخصوصية وآباء وأمهات التلاميذ الذين يرفضون أداء واجبات تمدرس أبنائهم خلال فترة الحجر الصحي، حيث يتمسّك الطرف الأول بضرورة أداء الأسر غير المتضررة من جائحة كورونا واجباتها كاملة؛ فيما يقول الطرف الثاني إنهم لن يؤدّوا مقابلا لقاء خدمات لم يستفد منها أبناؤهم وبناتهم.

وأنشأ هؤلاء تكتّلا باسم “اتحاد آباء وأولياء تلاميذ مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب” على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بلغ عدد المنخرطين فيه إلى حدود مساء الخميس واحدا وعشرين ألف منخرط؛ وقال محمد النحيلي: “عدد التلاميذ المتدرسين في القطاع الخاص يصل إلى مليون تلميذ، خلْفهم مليونيْ أبٍ وأمّ، فهل ستقف الحكومة ضدنا لإرضاء خمسة آلاف مستثمر في هذا القطاع؟”.

وسبق لمحمد عمور، رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب، أن صرح لهسبريس، بأن أرباب مؤسسات التعليم الخصوصية مستعدون للتعامل بمرونة مع الأسر المتضررة من جائحة كورونا، على أن يؤدي الآباء والأمهات غير المتضررين واجباتهم كاملة؛ غير أن النحيلي يقول “إننا لسنا في علاقة صداقة ليتم إرضاؤنا بهذه الوعود، بل في علاقة حق وقانون، لأن أبناءنا لم يستفيدوا من خدمة كاملة تتضمنها العقود التي وقعناها مع المدارس الخاصة”.

وأضاف: “هذه المؤسسات فوّضت إليها الدولة تقديم خدمة التعليم بمقابل، وليس المتاجرة بهذه الخدمة، وإذا رفضت تقديم هذه الخدمة كاملة فينبغي أن تُسحب منها تراخيص العمل”، مضيفا: “كيف تطالب مؤسسات التعليم الخصوصي من الأسَر أن تدفع واجبات تمدرس التعليم الأولي، والحال أن الأطفال المتدرسين في هذا الطور لم يستفيدوا من أي خدمة؟ وكيف تريد أن تستخلص مصاريف النقل المدرسي علما أنه متوقف؟”.

وأردف المتحدث ذاته أن أي حلّ سيُتوصل إليه “يجب أن يكون بناء على تفاوض حقيقي، وعلى الوزارة أن تستدعينا نحن أولياء التلاميذ المتمدرسين في القطاع الخاص”، مبرزا أن الحل الوسط الذي يرونه ملائما هو أداء نسبة خمسين في المائة من واجبات التمدرس، “ضمانا لحصول الأساتذة على أجورهم، على علّات خدمة التعليم عن بعد المقدمة للتلاميذ”.

وكان سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية، قد دعا أرباب المؤسسات التعليمية الخصوصية إلى الحوار مع آباء وأمهات التلاميذ، قصد الوصول إلى حلول مُرضية لكل طرف، تأخذ بعين الاعتبار تضرر بعض الأسر ماديا جراء تداعيات جائحة كورونا، وكذلك المشاكل المادية التي تعاني منها عدد من المؤسسات التعليمية جراء تعليق الدراسة الحضورية.

وفي الوقت الذي لا يلوح فيه أي تقارب بين الطرفين إلى حد الآن، فإن الأزمة بينهما مرشحة لمزيد من التصعيد مستقبلا، إذ تفكر مجموعة اتحاد آباء وأولياء تلاميذ مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب في فتح ملفات أخرى خلال بداية الدخول المدرسي المقبل؛ من قبيل ارتفاع التأمين ورسوم التسجيل التي تطبقها المدارس الخاصة، بحسب إفادة النحيلي.

hespress.com