اعتبر باحثون ومتخصصون أن أخطر المحجوزات التي جرى ضبطها لدى “كتيبة أنصار الخلافة” بتطوان تكمن في كتاب “العمدة في إعداد العدة”، وهو بمثابة “دستور للتنظيمات الإرهابية” ويدعو إلى “الجهاد والقتال في سبيل الله ضد المسلمين والكفار”.

وتمكنت التنظيمات الإرهابية من اختراق عقول الشباب وإقناعهم بضرورة “الجهاد في سبيل الله”، سواء في دولهم أو عبر الالتحاق بـالبؤر الملتهبة بداية من أفغانستان ثم وصولاً إلى الساحة السورية والعراقية ومنطقة الساحل والصحراء، بفضل مضامين “الكتاب الأخضر” المحجوز لدى “خلية تطوان”.

وقال عادل الحساني، الباحث والمحلل السياسي، إن سيد إمام الشريف (مصري)، مؤلف صاحب الكتاب سالف الذكر يعد من شيوخ أسامة بن لادن، ومن مؤلفي الموجة الثانية للإسلام السياسي بعد سيد قطب، مضيفا أن الرجل “يقدم نفسه حاليا كمتنور؛ لكنه لم يعتذر، ولا يعمل في الاتجاه المضاد للتطرف الذي كان يتبناه”.

وأضاف الباحث، في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “دون مبالغة، يمكن للكتاب أن يحول شابا ما بين 16 و30 عاما لم ينشأ ذهنه على التفكير النقدي إلى إرهابي بسرعة جنونية”، مشيرا إلى أن الكتاب جرى تأليفه وقت الحرب في أفغانستان “لتحفيز المقاتلين العرب ومنهم المغاربة، وكتب بلغة حماسية تصلح في أي توتر مماثل لتلك الظروف، أو ليست مماثلة سوى داخل نفسية شاب يحس الفقر أو التهميش ومعمي بالجهل أو مثقف يعاني النرجسية”.

وأبرز الباحث ذاته أن الكتاب “يوهم بأنه يحتوي على كل ما يؤطر الجهادي الذي يفكر في القتال، فيكتسب منه ثقة عمياء لسلوك قرار عملي في القتال”، وزاد أن “الكتاب يقدم نفسه كمحتوى مليء بالأفكار التي تفحم الخصوم الفكريين والعقديين، فيمنح ضحيته الاعتداد المريض والإجرامي بالنفس والتوجه بقوة نحو التنفيذ الإجرامي”.

وحول تساهل السلطات المغربية مع مثل هذا النوع من الكتب التكفيرية، أوضح سعيد لكحل، الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية، أن “العمدة في إعداد العدة” يمكن تحميله عبر الإنترنيت ومتوفر بسهولة.

وحذّر الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، من خطورة المحتويات التكفيرية، وقال إن مضمون “العمدة في إعداد العدة” هو التحريض الواضح على الجهاد والقتال باسم الدين وجعله فرض عين.

ويعتبر لكحل، في التصريح ذاته، أن الخطر يكمن في عدم تحرك المجالس العلمية بالمغرب والهيئات الدينية المعنية في الخارج للتصدي لهذه الكتب ودحضها وتفكيكها والرد عليها بالحجج الفقهية، لتبيان أن باب الجهاد قد أغلق نهائياً ولم تعد الظروف تسمح به.

وأوضح المتحدث ذاته أنه في عدد من المساجد تجد الفقهاء يدعون بالنصر للمجاهدين في سبيل الله، ويعملون على نشر عقيدة الجهاد وسط الشباب ويعتبرونها فريضة دينية لم تسقط بعدُ.

كما حذّر الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية من المحتويات التكفيرية التي ينشرها “شيوخ التطرف” بالمغرب على الإنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي.

ويرى لكحل أنه على الرغم من انتشار مثل هذه المحتويات وسهولة الوصول إليها اليوم، فإن القوانين في المغرب والعالم العربي الإسلامي لا تجرم التكفير؛ وهو أكبر خطأ ترتكبه هذه الدول بتعبيره، مردفا أن انتشار هذه المحتويات جاء نتيجة عدم وجود قوانين رادعة تمنع الفقهاء والشيوخ من نشر الفتاوى التكفيرية.

ودعا الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية المغرب والدول العربية والإسلامية إلى تجريم هذا النوع من الفتاوى ومتابعة الواقفين وراءها بقانون الإرهاب، مشددا على أن “شيوخ التكفير هم أخطر من منفذي العمليات الإرهابية، لأنهم المصدر الأول لدعوات القتل”.

وتأسف سعيد لكحل لكون مشروع القانون الجنائي الذي جاء به القيادي في حزب العدالة والتنمية والوزير المصطفى الرميد لم يجرم التكفير في المغرب، على الرغم من الدعوات المتوالية التي صدرت عن المجتمع المدني والهيئات الحقوقية بضرورة وضع حد لذلك.

hespress.com