انتقد محمد السرار، رئيس مركز ابن القطان للدراسات والبحوث في الحديث الشريف والسيرة النبوية بالرابطة المحمدية للعلماء، الأشخاص الذين نددوا بإغلاق المساجد في رمضان الماضي ومنْع المصلين من أداء صلاة التراويح فيها بسبب انتشار جائحة فيروس “كورونا”، وطالبوا بفتح المساجد، واصفا إياهم بـ”الحمقى”.
وقال السرار، في لقاء دراسي حول “التراث الوثائقي في زمن الأوبئة.. دروس من التاريخ”، صباح الخميس بالرباط، إن “الحافظ ابن حجر تكلم عن قضية في غاية الخطورة ما زلنا نعيشها إلى الآن، مْلي خرجو بعض الحمقى يتحدثون عن التراويح ما التراويح، هذا حُمق كبير”.
وأضاف: “وقع هذا أيضا في زمن الحافظ ابن حجر وكان قاضيا للقضاة، حين أراد الناس أن يخرجوا لإقامة مثلِ صلاة الاستسقاء ظنا منهم أن عليهم أن يجتمعوا كما يجتمعون في صلاة الاستسقاء، والحافظ ابن حجر بمنصبه رفض الخروج، ثم قيد في كتابه أن ظاهرة الفتك تزايدت كثيرا بعد خروج الناس، حيث كان عدد الموتى مستقرا قبل ذلك، فلما خرج الناس هذا الخروج غير المحسوب زاد الفتك”.
وذهب المتحدث ذاته إلى القول، استنادا إلى ما دُوّن في التراث العربي المخطوط، إن الاجتماع العام في زمن الوباء لا يوجد له أي تبرير في الدين، معتبرا أن الدافع الذي يدفع الناس إلى مثل هذه التصرفات “هو نوع من الحماسة الدينية غير المحسوبة”، و “أن الدعوة إلى الخروج في زمن الوباء لعبادة الله وكذا وكذا غلط كبير جدا”.
وذكر رئيس مركز ابن القطان للدراسات والبحوث في الحديث الشريف والسيرة النبوية بالرابطة المحمدية للعلماء أن الأسلاف كانوا يتعاطون مع الأوبئة بتشدد وصرامة، لافتا إلى أن لسان الدين ابن الخطيب عندما انتشر الوباء في عهده لم يكتف فقط بالحجر على أهله داخل بيته، “بل طْرق الباب بالمسمار باش ما يخرج حد، ونتيجة ذلك لم يُرْزأ من عائلته أحد”.
وأردف أن ابن خلدون كذلك تنبأ بدوره في كتابه “المقدمة” إلى دور التخطيط العمراني غير المضبوط في انتشار وشيوع الأوبئة بين الناس، بسبب الاكتظاظ الناجم عن النمو الديمغرافي.
من جهة ثانية، قال محمد السرار إن التراث الثقافي العربي في علم الأوبئة يبرز أن الوباء، ورغم ما يخلفه من خسائر كبيرة، فإنه ليس دائما سيئا، بل تنجم عنه تغيرات حسنة، كموت دولة هرمة ونشوء دولة جديدة، لافتا إلى أن هذا الأمر سُجل في تاريخ المغرب، حيث كان للوباء دور في استقرار السلطة في عهد السلطان المولى سليمان.
وفي عهد بني أمية، يردف المتحدث، أدى “وباء الفتيات” إلى استتباب الأمن، “حيث كان الوباء بمثابة جيش آخر يقوم بالتوازن السياسي والعسكري”.