مباشرة موجة الانسحاب التدريجي من الحانات وطوابير “محال بيع الخمور”، حطت “الربعين” رحال المنع النفسي على الآلاف من المقبلين على تناول المشروبات الروحية، وذلك باستحضار قرب شهر رمضان ووجوب التوقف “توقيرا”.
و”الربعين” ظاهرة اجتماعية مغربية بلبوس ديني، يتوقف خلالها ندماء المشروبات الروحية عن الشرب، بدعوى بقاء الخمر في الجسم، وعدم جواز صيام شهر رمضان في حالة عدم التوقف لفترة تتجاوز الشهر.
النقاش في هذا الموضوع تكرر إلى أن أفضى إلى قاعدة مسلمة لا تحتمل الجدال، بل إن البعض يربطونها بالإيمان والكفر، مع استحالة السجال في مدى صحة البراهين والأدلة التي يقدمونها، أو التشكيك فيها.
ويبدي بعض الفقهاء تحفظا كبيرا في البت في الأمر، تاركين الأمر للتحريم الوارد في النص الديني، فيما يتجه سوسيولوجيون نحو اعتبار الأمر امتدادا لثقافة مجتمعية تستحضر قدسية شهر رمضان.
سعيد جعفر، رئيس مركز التحولات المجتمعية والقيم في المغرب وحوض المتوسط، أورد أن “الربعين” جزء من “الحيل الفقهية العديدة التي استنبتها الفقهاء داخل البيئة المغربية”، مؤكدا أنها “انعكاس للسلطة الدينية والرقابة على المواطن”.
وأضاف جعفر، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن السلطة الدينية تجدد أدوات اشتغالها في كل المجتمعات الإسلامية، مسجلا عملها بمنطق الجماعة والولاء التام والإخضاع.
وبالنسبة للباحث في علم الاجتماع فشهر رمضان جرت موقعته ضمن السلطة المركزية الدينية، وجرى الإعلاء من شأنه، وبالتالي لا بد من الترتيب والتمهيد لدخوله، و”الربعين” من بين الوسائل المستخدمة لتحقيق الأمر.
وشبه جعفر ما يجري بالسياج الديني والنفسي و”الأخلاقوي”، موضحا أن استمرار الناس في أداء الطقوس المعتادة نفسها قد يكسر مركزية شهر رمضان، رغم أن الأمر يفتقد للدليل قرآنا وسنة.
واستحضر جعفر في ختام حديثه عدم وجود هذه الفكرة لدى الطبقة المتوسطة والواعية، حيث تستمر الحياة بشكل عادي، فيما يبقى التوجه العام محتفظا بالفكرة، مع تسجيل تراجعها رويدا رويدا.