مرّت أربع سنوات على “مقتل” محسن فكري، سمّاك الحسيمة، مطحونًا داخل شاحنة للنّفايات، وهو الحادث الذي تسبّب في انفجار “حراك الرّيف”، قبل أن يخفّ حدّته مع مرور الزّمن، لا سيما بعد اعتقال القادة الميدانين وإدانتهم بأحكام سجنية “قاسية”.

ومع حلول ذكرى “وفاة” محسن فكري، يتجدّد مطلب إطلاق سراح ناصر الزفزافي، قائد الاحتجاجات الميدانية في حراك الريف، ومعه باقي النشطاء، وطيّ صحفة “الخلاف” التي دامت طويلا بين السّلطة المركزية ومنطقة الرّيف.

عبد الله الغلبزوري، فاعل حقوقي من الحسيمة، يؤكد أن “جميع الحقوقيين المغاربة يجمعون على وجود تراجع في مجال حقوق الإنسان، وقد ارتفع مستوى هذه الردة بعد حراك الريف؛ فكلّ النشطاء والصحافيين الذين أظهروا تعاطفا مع الحراك تم إيداعهم السجن بتهم مختلفة”.

وأوضح الفاعل المدني في تصريح لهسبريس أنّ “الدولة لم تترك للحقوقيين من مجال سوى الترافع عن معتقلي حراك الريف وطنيا ودوليا عبر تقارير مستمرة؛ وهي التقارير التي تظهر المغرب كبلد متأخر في مجال حقوق الإنسان، بعد أن كان نموذجا في إفريقيا بداية الألفية الثانية”.

وشدد الفاعل ذاته على أنّ “الحل الممكن حاليا هو عفو ملكي بوصفه تصحيحا لأخطاء الدولة”، مبرزا أن آلية العفو التي تمنحها دساتير العالم لمؤسسة رئاسة الدولة آلية لحل للمشاكل السياسية والاجتماعية الناتجة عن إيداع أناس في السجن يعتقد الرأي العام أن وجودهم في السجن أمر ظالم.

وهذا ما نجده في قضية معتقلي حراك الريف، يضيف الغلبزوري؛ فالدولة عبر أجهزتها راكمت سلسلة من الأخطاء أدت في النهاية إلى بناء ملف ضخم لوقائع بسيطة، وأطلقت أحكاما قضائية في قضية سياسية ناتجة عن رفض الناس لتهميشهم من طرف الدولة في سياساتها العمومية.

لذلك، يقول المصرح: “كان الأولى منذ البداية اعتبار الاحتجاجات مسألة طبيعية وعادية، وكان الأولى التعامل معها بمنطق الحوار لا منطق العصي والغازات المسيلة للدموع”.

ومرّت مياه كثيرة تحت الجسر منذ الوفاة المأساوية للشاب محسن فكري، وأصبح المطلب الأساس هو إطلاق سراح ما تبقى من معتقلي الحراك (حوالي 25 معتقلا).

ويعتقد الحقوقي خالد البكاري أن من شأن ذلك أن ينفس كثيرا عن مخلفات الاحتقان بأبعاده السياسية والاجتماعية والنفسية الذي عاشته منطقة الريف خلال مدة الأربع سنوات الأخيرة.

ويضيف أنه لم يعد أي مبرر أمني أو سياسي لاستمرار هذه الاعتقالات، خصوصا بالنظر إلى التطورات الميدانية بمنطقة الصحراء التي تجعل كثيرين في الريف يقارنون بأسى كيفية تعاطي الدولة بحكمة مع تعبيرات انفصالية هناك، في الوقت الذي كان رد فعلها أمنيا وعنيفا ومتسما بانتهاكات حقوقية في مواجهة حراك مدني سلمي.

كما اعتبر أن محطتين مهمتين قادمتين وهما: الأولى: تقديم خلاصات تقرير لجنة صياغة النموذج التنموي، والتي كان حراك الريف من أسباب التفكير فيها، والثانية هي الاستحقاقات الانتخابية، والكل يعرف أن انطلاق الحراك تزامن مع الانتهاء من انتخابات 2016، وكان من الإشارات على فشل جهات في الدولة في اعتبار الريف مختبرا لنجاح حزب الدولة آنذاك (البام).

لذلك، يؤكد الفاعل الحقوقي أن إطلاق سراح معتقلي الحراك هو واجب الوقت، بأبعاده السياسية والاجتماعية والحقوقية والأخلاقية والوطنية.

hespress.com