مع دنو احتفالات اليوم العالمي للمرأة التي تصادف الثامن مارس من كل سنة، يكثر الحديث عن نساء رائدات في مجالات مختلفة؛ هناك من يسلط الضوء على امرأة رياضية، وهناك من يختار فاعلة سياسة، والبعض يختار تقديم نماذج من قاضيات وسيدات أعمال، لكن نادرا ما يتم الاكتراث إلى ربات البيوت.

نساء كثر لم تسمح لهن ظروفهن التعليمية ولا المحيط الذي نشأن فيه بالبحث عن عمل، ليجدن أنفسهن “ربات بيوت”، يشتغلن دون انتظار الحصول على أجرة نهاية الشهر؛ أجرتهن نجاح الأسرة، تفوق الأبناء في الدراسة، وحصولهم على وظيفة تجعلهن يفتخرن بهم أمام الجارات والأقارب.

ولم تخف نجاة، وهي في عقدها الخامس، سعادتها بالعمل الذي تقوم به، وبالنجاح الذي حققته طوال سنوات الزواج وتكوين الأسرة. بالنسبة لهذه السيدة القاطنة بالحي المحمدي فإن عملها “ربة بيت” كان أفضل وأصعب مهنة، إذ تقول: “تربي ولادك وتحافظ عليهم حتى تشوفهم كيف بغيتي، هذا هو العمل الحقيقي”.

وتؤكد هذه السيدة أنها سبق لها العمل بإحدى الشركات الصناعية، لكنها سرعان ما غادرتها بعد مرور ثلاث سنوات، لتقرر العمل داخل المنزل، والاشتغال ربة بيت بدلا من عاملة بشركة.

وترى نجاة أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها مكنتها من البقاء قريبة من أبنائها والحرص على تربيتهم ومواكبتهم في الدراسة، إلى حين تحقيق ما يصبون إليه، وهذا بالنسبة لها “نجاح لا يضاهيه أي نجاح”.

وتؤكد المتحدثة أن اختيارها العمل كـ”ربة بيت” لم تندم عليه، ولا يشكل لها أي ضيق، خصوصا أنها تعرف وضع الكثير من معارفها اللواتي يشتغلن في شركات صناعية وغيرها، مشيرة إلى أن نجاحها في تربية الأبناء، رغم الظروف الاجتماعية الصعبة التي مرت منها، ينسيها مرارة سنين خلت.

الباحث في علم الاجتماع فؤاد بلمير اعتبر أن الالتفات إلى المرأة في هذه المناسبة أساسي، لافتا إلى أن التنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها إذا لم تكن المرأة موجودة، ومشددا على أن التشريعات المغربية من مدونة الأسرة وغيرها، التي تعنى بالمرأة وحقوقها، لا يمكن إلا الافتخار بها.

ورغم ذلك فقد سجل بلمير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المرأة التي لا عمل لها، أو ربة البيت، وحتى المتواجدة في المغرب العميق، لا تستفيد من التعليم ومن مرافق أساسية، مضيفا أن “ربة بيت يتم التعامل معها على أساس أنها مسؤولة عن تنظيف البيت والإنجاب وآلة للغسيل، وهي موجودة كي تلبي الرغبات الفزيولوجية والمعيشية للرجل”.

وأوضح الباحث نفسه أنه في هذه المناسبة العالمية يجب التوجه إلى المرأة الموجودة بالعالم القروي وربات البيوت المحرومات من مجموعة من الوسائل التي كانت لتساعدهن على الوصول إلى ما تعيشه باقي النساء.

من جهتها أكدت لمياء البوزياني، الباحثة في علم النفس الاجتماعي، أن هذه المناسبة العالمية لا يجب أن يتم خلالها تجاهل المرأة ربة البيت ولا النساء القرويات في المغرب العميق، والتركيز فقط على المرأة العاملة والمثقفة.

وأوضحت الدكتورة البوزياني أن المرأة المغربية حققت مكتسبات لا بأس بها على مستوى القوانين، “لكن تبقى المرأة ربة البيت والمحرومة من الشغل في وضعية دونية، إذ لا ينظر لها إلا كآلة للإنجاب وتلبية حاجيات الرجل والاهتمام بالبيت”.

hespress.com