بعد كبْح المملكة لانتشار فيروس كورونا المستجد خلال فترة “الحجر الصحي”، التي تميّزت بتشديد التدابير الاحترازية، موازاةً مع الالتزام المجتمعي، عادت مجموعة من المدن من جديد إلى حالة التراخي التي أسفرت عن بروز بعض البؤر الصناعية والسكنية في الأسابيع المنصرمة.

وأمام الرجوع التدريجي إلى الحياة الطبيعية في المغرب، مازالت الحكومة تؤكد بقاء “كورونا”، لكن ملاحظة سير الحياة العامة تفيد بأن المواطنين تخلوا عن الإجراءات الوقائية، وظروف الاشتغال أيضاً في كثيرٍ من المصانع والشركات تذهب في اتجاه تغاضي أرباب العمل عن تطبيق البروتوكولات الصحية.

عدم الالتزام

يقول البروفيسور مصطفى الناجي، اختصاصي علم الفيروسات مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن “البؤر الصناعية والعائلية المسجلة في طنجة والعرائش وآسفي، وغيرها من المدن، تندرج ضمن الموجة الأولى من تفشي فيروس كورونا المستجد، ولا يمكن ربطها أبدا بالموجة الثانية التي يتم الحديث عنها”.

وأضاف الناجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تفشي الفيروس مرده إلى عدم الالتزام بالتدابير الاحترازية، لأن المسؤولية أصبحت بيد المواطن بعد رفع الحجر الصحي، لكن الملاحظ أن النقاش الأولي المتعلق بمدى وجود الفيروس طفا على السطح من جديد بفعل وجود مشككين في المجتمع”.

وأوضح الخبير المغربي أن “الفيروس كائن، يعيش بيننا، ولن يتم القضاء عليه حتى يُنتج لقاح يبرهن على نجاعته”، موردا أن “هناك أزيد من 152 لقاحا عبر العالم، بينما بلغ المرحلة الثالثة من التجارب السريرية أكثر من عشرين لقاحا؛ ومن ثمة، لن يكون اللقاح جاهزاً قبل دجنبر المقبل، أو دخول سنة 2021”.

ولفت أستاذ التعليم العالي إلى أن “نشاط الفيروس انخفض في ظل ارتفاع درجة الحرارة بالبلاد، لكن كثيرين يتساءلون عن دواعي انتشار العدوى بين الناس في ظل موجة الحرارة الشديدة”، مشيرا إلى أن “الفيروس الموجود في الإفرازات والهواء يتأثر بارتفاع الحرارة، لكن حينما يلج جسم الإنسان، فإنه يصير محمياً بفعل درجة الحرارة الملائمة لتكاثره”.

لذلك، يخلص محدّثنا إلى أن “المغرب يوجد في حالة مريحة على الصعيد العالمي، لكن يجب على المواطنين احترام التدابير الصحية المعمول بها”، مبرزا أن “البؤر المهنية الراهنة لا علاقة بها بالموجة الثانية من الفيروس، التي قد تظهر بدءا من الأسبوعين المقبلين، نتيجة الحالات الواردة التي تأتي من الخارج، على غرار الحالات الأولى المسجلة في مارس المنصرم”.

أخطاء تدبيرية

يرى مصطفى جعا، إطار صحي في مستشفى محمد الخامس بطنجة، أن “ظهور البؤر المهنية الأخيرة في مدينة البوغاز يرجع إلى عوامل متنوعة؛ أولاها استمرار الأنشطة الصناعية خلال فترة الحجر الصحي، حيث تسجل المدينة نسباً كبيرة للإصابة بالفيروس وسط البؤر الصناعية، في حين تنخفض البؤر السكنية بشكل كبير”.

واعتبر جعا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “العامل الثاني يتمثل في ضعف البنيات الصحية؛ وهو المشكل القائم في البلاد، فضلا عن إنهاك الأطر الطبية في المشفى”، التي “تشتغل دون كلل منذ بدء الجائحة، ما يصعب من مأمورية الحفاظ على وتيرة العمل نفسها في ظل ضعف الموارد البشرية”.

وأبرز مصرّحنا أن “العامل الرابع يتعلق بفشل تدبير قطاع الصحة، حيث جاء تعيين المسؤولة الجديدة للوزارة في المدينة قبل تفشي الوباء بأقل من شهر، ما جعلها تنفرد بتدبير حيثيات الجائحة، رغم أنها لا تعرف المنظومة الصحية القائمة بشكل جيد، ما أدى إلى نتائج سلبية؛ بينها ظهور بؤرة مهنية في مستشفى محمد الخامس، لأنها وضعت خلية لفرز حالات “كوفيد-19″ في مشفى غير مخصص لذلك”.

وختم المتحدث تصريحه بالقول: “نسجل أيضا أخطاء المراقبة على مستوى وزارة الداخلية، ففي فترة الحجر الصحي كانت هناك مجموعة من المناطق السكنية غير ملتزمة بتدابير الحجر الصحي”، لافتا إلى أن “تزايد الحالات المسجلة يعود إلى عامل إيجابي متصل برفع الفحوصات الطبية”.

hespress.com