اعتاد عدد من المؤمنين إحياء ليلة القدر في المساجد أو بأساليب متنوعة تقتضي الاجتماع، وهو أمر يغيب هذه السنة نظرا لظروف الحجر الصحي.

ويقول الدكتور عدنان زهار، باحث ومؤلف في العلوم الإسلامية، إنه من الواجب على كل طالب وجه الله ألا يضيع ليلة القدر ويجتهد في الليالي العشر الأخيرة للتقرب من الله تعالى كي يقبله ويقبل عليه، قائلا إنه “يعين على ذلك في ساعتنا وظروفنا هذه ما فرضه علينا داء كورونا 19 من لزوم بيوتنا درءا لمفاسد انتشار العدوى”.

ويرى زهار أن “لزومُ البيوت في هذه الليلة الكريمة فرصة للاعتكاف وتصحيح الوجهة لله تعالى والخلوة بالله، بل هي فرصة أيضا لإحياء هذه الليلة بالذكر والقيام وقراءة القرآن والإلحاح على الله في الدعاء في البيت، وخير النافلة في البيوت، وهي فرصة كذلك لتعليم الأهل والأبناء ما ينبغي أن يتمثلوه ويكونوا عليه من تعظيم الأيام والليالي المقدسة ويتربوا عليه في طاعة الله ورسوله”.

ويؤكد زهار أنه “ليس بالضرورة أن يصلي المؤمن من أول العشاء إلى وقت الفجر بدون انقطاع”، قائلا: “لكن أن يجتهد في القيام قدر ما يطيق وفي الذكر وفي الدعاء، ولِمَ لا بالاجتماع مع أهل بيته ليقرؤوا كتب العلم والتفسير حتى تتنور بصائرهم وكتب التعريف بالنبي عليه السلام والصحابة الكرام”.

ويتابع المتحدث: “باب القيام لا ينحصر في الصلاة، بل هو صور كثيرة ومختلفة، والحجر الصحي يعين على ذلك، ويبعد عن المخالطة التي تكون أحيانا كثيرة سبب غفلة وتضييع للأوقات”.

ويوضح الباحث أن “من خصائص الأمة المحمدية أن منحها الله أزمنة وأمكنة مقدسة تكون سببا لعلو شأن أفرادها ومغفرة ذنوبهم وتصفية بواطنهم وتصحيح سيرهم، ومنها ليلة القدر التي اختارها الحق إكراما لهذه الأمة بما منحه إياها من شريف المنزلة حتى سماها قدرا، والقدر هو الشيء الشريف في نفسه المشرف على غيره، وبين أن شرفها ينال من جهة كون العبادة فيها خيرا من عبادة ألف شهر، وهذا التضعيف في الأجر يغري الصادقين الموقنين في السعي الحثيث لطلب خيرها والاجتهاد في إدراك أسرارها وأنوارها”.

ويتابع المتحدث ذاته: “لذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ‘من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه’، وهذا مقصد كل مؤمن ومؤمنة أن يتجاوز الله عنه ويعفو عن آثامه وذنوبه، ولذلك سألت السيدة عائشة رضي الله عنها مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: إن أنا أدركت ليلة القدر ما أقول؟ قال لها عليه السلام: ‘قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني'”.

hespress.com