بعد انتشار جائحة فيروس كورونا في المغرب، برز بقوة مطلب إيلاء قطاعي الصحة والتعليم العموميين أهمية أكبر على ساحة النقاش العمومي، حيث تأكد ألّا مناص من تقوية هذين القطاعين وإبقائهما تحت يد الدولة، بعدما كان القطاع الخاص يمتد إليهما بقوة.

ويبدو أن الحكومة غيّرت من توجهاتها، حيث وجد جزء من مطلب النهوض بقطاع الصحة صداه في مشروع قانون المالية لسنة 2021، برفع عدد المناصب المالية المخصصة لهذا القطاع إلى 5500 منصب مالي، بزيادة 1500 منصب مقارنة مع السنوات الثلاث الأخيرة.

وعلى الرغم من رفع المناصب المالية المخصصة لقطاع الصحة في مشروع مالية السنة المقبلة، إلا أن عدد المناصب المُضافة ما زال قليلا، بالنظر إلى الخصاص الكبير المسجل في الأطر الصحية من أطباء وممرضين، حسب فاطمة الزهراء بلين، مسؤولة الإعلام والتواصل بحركة الممرضين وتقنيي الصحة.

ويعاني القطاع الصحي من خصاص كبير في الأطر الصحية وصفه وزير الصحة الحالي خلال مناقشة مشروع ميزانية قانون المالية 2020 في البرلمان بـ”المزمن”؛ إذ يسجَّل خصاص في الأطباء يصل إلى 32387 طبيبا، بينما يصل الخصاص في صفوف الممرضين إلى 64774، أي ما يزيد على 97 ألفا في المجموع.

وترى فاطمة الزهراء بلين، في تصريح لهسبريس، أن حجم وخطورة الظرفية الحالية التي يجتازها المغرب على غرار باقي بلدان العالم، يستدعيان رفع عدد المناصب المالية المخصصة لقطاع الصحة بشكل أكبر، مشيرة إلى أن الخصاص في الممرضين والأطباء أعلى بكثير من الأرقام الرسمية التي تقدمها الوزارة.

وأضافت المتحدثة أن الخصاص الكبير في الأطر الصحية “يجعل كل ممرض يقوم بالعمل الذي من المفروض أن يقوم به أربعة ممرضين، والطبيب الواحد يؤدي عمل أربعة أطباء”، متسائلة: “كيف يمكن أن تمتص 1500 منصب مالي المضافة برسم مشروع قانون المالية للسنة المقبلة هذا الخصاص المهول؟”.

ولا يتوفر المغرب حاليا سوى على 1.5 من الأطر الطبية والتمريضية لكل ألف نسمة، بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة، بينما الحد الأنى الذي وضعته منظمة الصحة العالمية هو 4.45 لكل ألف نسمة.

وأشارت فاطمة الزهراء بلين إلى أن الخصاص الفعلي الذي تعاني منه المنظومة الصحية يوجد في الكفاءات الصحية من الأطباء والممرضين، الذين لديهم مؤهل علمي يزيد على باكالوريا+3، منبّهة إلى أن المناصب المالية المُحدثة يجب أن تُخصص للأطباء والممرضين، “عوض إغراق القطاع الصحي بمساعدي العلاج، الذين لديهم دور مهم في المنظومة الصحية، ولكن لا يجب أن تتم التغطية بهم على الخصاص في الممرضين”.

وأكدت المتحدثة ذاتها أن زيادة عدد المناصب المالية المخصصة لقطاع الصحة العمومية يجب أن توزّع حسب الاختصاصات التي تعاني من الخصاص، موضحة أن الخصاص في صفوف الممرضين وتقنيي الصحة يسجّل بالخصوص في متعددي التخصصات والمولدات، كما أشارت إلى وجود مشكل سوء توزيع الأطر الصحية على التراب الوطني.

وترى مسؤولة الإعلام والتواصل في حركة الممرضين وتقنيي الصحة أن النسبة التي رفعت بها الحكومة المناصب المالية المخصصة لقطاع الصحة، “لن تكون حلّا للخصاص المهول الذي تعاني منه المنظومة خلال المدى القريب ولا المتوسط ولا البعيد”.

وأضافت أن “عدد المناصب لم يتغير بشكل ملموس منذ ثماني سنوات، لأن المناصب المحدثة لا يمكن أن تمتص الخصاص الموجود، وعدد المناصب الذي أضيف برسم السنة المقبلة رقم ضئيل جدا ولم نشعر أن الوزارة بذلت مجهودا زائدا لسدّ الخصاص القائم، الذي عمّقته الأزمة الصحية الحالية التي استنزفت الطاقات، ولم يعد لديها استعداد لكي تعيش آفة أخرى من هذا النوع”.

hespress.com