بين المتفائلة وغير المصدقة، تفرقت سبل الحركة الحقوقية المغربية بشأن خطوات السلطات بالإفراج عن معتقلي حراك الريف، لزيارة الأمهات المريضات؛ فبعد خطوة نبيل أحمجيق، سمح لناصر الزفزافي، قائد الاحتجاجات، بمجالسة أمّه بطنجة.

وتشكل مبادرات الوساطة، ولو كانت التفاتات إنسانية، تحولا استثنائيا في تدبير الملف، خصوصا بعد أزمة الإضرابات الطعامية التي شنجت علاقة السلطة بالمعتقلين، وتضاربت بشأنها المواقف بين الإنكار والشكوى من الإهمال.

ورسميًا، بات عدد المعتقلين على خلفية احتجاجات “حراك الريف” لا يتجاوز الثلاثين، حسب مصادر، بعد أن انقضت محكومية بعضهم، واستفاد آخرون من العفو؛ وهو ما أنعش آمال العائلات وفعاليات حقوقية في إمكانية الدفع نحو التسوية، بالنّظر إلى محدودية العدد.

إيجابيات ومفارقات

خالد البكاري، فاعل حقوقي متتبع لدينامية حراك الريف، اعتبر، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه بقدر ما يحمل قرار السماح لبعض معتقلي الحراك بزيارة أمهاتهم بالمصحات حيث يتلقين العلاج إشارة إيجابية، فإنه يحمل كذلك مفارقة بليغة.

وحسب المتحدث، لا يهم إن كان القرار قرار إدارة السجون أو جهة أكبر منها، المهم هو أن الاستجابة لمطلب المعتقلين خطوة إيجابية، متمنيا أن تكون مقدمة لطي نهائي لملفات كل معتقلي الحراك، مبديا تمسكه الدائم بخيار التفاؤل.

وأوضح البكاري أن المفارقة هي أنه إذا كان أهم شعار رفعه الحراك متعلقا بالحق في التطبيب، فإن الأقدار شاءت أن تجري أمّ أحمجيق عملية جراحية بالدار البيضاء، وأن يتم استشفاء والدتي الزفزافي وحاكي بعد استفحال وضعهما الصحي كذلك خارج الحسيمة.

أمّ ناصر بطنجة، وأم حاكي بالرباط، وقبلهما توفيت أمّ المعتقل أهباض بمستشفى بألمانيا بعد رحلة استشفاء بالدار البيضاء، وتوفي أبو المعتقل السابق محمد فاضل أشهرا قليلة بعد اعتقال ابنه الذي كان يتكلف بمرافقته في جولات العلاج بالرباط وفاس، يضيف البكاري.

وتوقع الفاعل الحقوقي أن تكون هناك حالات أخرى لمعتقلين آخرين، مسجلا أن الحراك جرس إنذار حقيقي لخطورة التفاوتات الطبقية والمجالية، وكان الرد بحملة الاعتقالات في رأيه بمثابة جواب أمني تقليدي على تعبير جديد للاحتجاج.

تفاؤل حذر

عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، قال إنها التفاتة إنسانية بالدرجة الأولى؛ لكنها لا تخلو من رسائل، تشي ببداية انفراج في هذا الملف الشائك، وتلمح إلى وجود قناة حوار جدية من المرجح أن تكون قد بدأت.

وحسب تصريح الخضري لجريدة هسبريس الإلكترونية، فإنه على الجميع ألا يكون متفائلا كثيرا؛ فالملف في تقديره ليس هينا، وتبديد الغيوم الحالكة بين صناع القرار وقادة حراك الريف يحتاج إلى نقلة نوعية في مواقف الطرفين.

وأشار المتحدث إلى أن التحدي الأكبر لا يكمن في جلسة حوار، إذ إن تصريحات قادة الحراك تؤكد أنهم منفتحون ومستعدون للحوار؛ بل يكمن في النقط الخلافية والعميقة، وهل توفرت الإرادة الحقيقية لدى الدولة لوضعها على طاولة الحوار.. لأنه من البديهي التذكير بأن صناع القرار ببلادنا لديهم خطوط حمراء، من شأنها تقويض أية فرصة لإعادة بناء الثقة بيت الطرفين، حتى نستطيع الحديث عن أمل في تحقيق انفراج في ملف حراك الريف، يختم الخضري تصريحه.

hespress.com